دولة مؤسسات ضمان المستقبل
توفيق الحاج
في ظل الأوضاع الاقتصادية والعسكرية والسياسية الصعبة التي تمر بها البلاد أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى إعادة النظر في بنية الدولة وكيفية إدارتها.
إن الحاجة إلى دولة مؤسسات قوية وقانونية لا تقتصر على كونها مطلباً أكاديمياً أو تنظيراً سياسياً، بل هي ضرورة ملحة لضمان استقرار المجتمع وازدهاره وبقاء الدولة والنسيج الاجتماعي، حيث تُعَدُّ مؤسسات الدولة المختلفة الركيزة الأساسية التي تُبنى عليها سيادة القانون وتتحقق العدالة، ومن خلالها تدار شؤون البلاد بعيداً عن التأثيرات الحزبية أو الشخصية والمحسوبية التي تؤدي إلى تهديد الاستقرار وغياب العدالة.
إن وجود مؤسسات قوية وقانونية، تتمتع بالاستقلالية والشفافية، ضمان لتطبيق القانون والنظام على جميع أفراد المجتمع والمؤسسات، مما يعزز مفهوم المساواة ويؤسس لقاعدة صلبة تحكم الجميع دون تمييز، بعيداً عن الهيمنة الجهوية أو المناطقية ويُمنح كل فرد حقه كاملاً، ويُتَاح لكل مؤسسة الفرصة لممارسة نشاطاتها بمهنية.
إن بلادنا بحاجة ماسة إلى دولة مؤسسات وإلى وضع استراتيجية فاعلة لمكافحة الفساد بجميع أشكاله، إذ يشكل الفساد المؤسسي والحكومي أحد أكبر التهديدات التي تقوض جهود التنمية وتعرقل مسيرة بناء الدولة.
لقد بات الفساد في مجتمعنا ظاهرة معقدة ومتشعبة، لا يقف عند حد التلاعب بالمصالح الفردية أو المؤسسية فقط، بل امتد تأثيره ليطال الأسس الأخلاقية والاجتماعية التي تقوم عليها الدولة لذلك أصبحت المحسوبية وسوء الإدارة والفشل سلوكيات مقبولة، مما زعزع مفهوم الثقة في المؤسسات وارتفع مؤشر التباين بين الفئات الاجتماعية.
لذا، يجب على قيادة الدولة أن تضع استراتيجية واضحة لمكافحة الفساد، وحدا نهائيا لهذا الخلل الحكومي وأن تعمل على تعزيز الشفافية، وتحقيق الرقابة الدقيقة، وتطبيق القوانين بحزم.
في الختام، فإن ضرورة بناء دولة مؤسسات قوية تعني أكثر من مجرد تطبيق القوانين وأكبر من مجرد مبنى ومكاتب ونفقات تشغيلية، وأكبر من مجرد شخص أو مجموعة أشخاص يلبسون البدلة الرسمية؛ إنها تعني بناء مجتمع يسوده العدل والمساواة، مجتمع تُمنح الحقوق فيه كاملة للجميع، وتُحارب الفوضى والفساد بكل حزم. هذا هو ما تحتاجه البلاد وهذه هي الطريق نحو بناء دولة قوية قادرة على تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
ظهرت المقالة دولة مؤسسات ضمان المستقبل أولاً على سبتمبر نت.مشاركة الخبر: دولة مؤسسات ضمان المستقبل على وسائل التواصل من نيوز فور مي