محللة أميركية: «أوركا» تغيّر موازين حرب الألغام

تتميز سفينة البحرية الأميركية المسيرة "أوركا" والتي تستخدم في حرب الألغام بأنها في مثل حجم شاحنة من طراز "ماك" وبأنها تتمتع بقدرة سريعة على ردع الصين.

وقالت الدكتورة ريبيكا جرانت، المحللة في مجال الأمن القومي ونائبة رئيس برامج الدفاع في معهد ليكسينجتون، وهو منظمة غير ربحية لأبحاث السياسة العامة في أرلينجتون بولاية فيرجينيا الأميركية، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية، إن المركبة غير المأهولة الكبيرة (اكس ال يو يو في) التي تعمل تحت الماء والمعروفة باسم "أوركا"، هي غواصة ذاتية القيادة يبلغ طولها 51 قدمًا ويمكنها تنفيذ مهام سرية مثل وضع الألغام.

وبدأت عملية اختبار أول سفينة "أوركا" في عام 2023 وفي أواخر الشهر الماضي، وصلت أوركا الثانية إلى الماء لإجراء الاختبارات في البحر قبالة ساحل جنوب كاليفورنيا.

وعند روية المركبتين "أوركا" بجانب بعضهما البعض فإنهما يشعان غموضًا وتهديدًا وتقوم البحرية بتقييم العديد من المركبات غير المأهولة التي تعمل تحت الماء من أجل القيام بمهام متنوعة، ومن بينها مركبات مثل "سليك مانتا"، إلا أنه لا يوجد ما يضاهي المركبة "أوركا" في الحجم والقدرة العسكرية.

وقد تم هذا في الوقت المناسب تماما، مع سعي البحرية لأن تكون في حالة تأهب قصوى بحلول عام 2027 وهو الموعد الذي أمر فيه الرئيس الصيني شي جين بينج قواته بأن تكون مستعدة لمهاجمة تايوان.

وقد سيطر التركيز على موعد 2027 على الميزانيات العسكرية منذ تقديمه لأول مرة في نافذة "ديفيدسون"، وهو الموعد الذي توقع الأدميرال فيل ديفيدسون، قائد القيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ السابق، أن الصين قد تكون مستعدة للعمل على تحقيق طموحاتها للسيطرة على تايوان بحلول عام 2027. وذكر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي اي ايه) ويليام بيرنز في عام 2023 أن "الرئيس الصيني شي وجه جيش التحرير الشعبي الصيني، القيادة العسكرية الصينية بالاستعدد بحلول عام 2027 لغزو تايوان".

وقالت الأدميرال ليزا فرانشيتي قائدة العمليات البحرية، عن الصين خلال حوار بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في أيلول الماضي "إنهم يتعاملون على أنهم في وقت الحرب".

وقالت الدكتورة جرانت التي شغلت مناصب في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) وفي القطاع الخاص وقادت شركة استشارات في مجال الطيران والدفاع إنه إذا كانت قائدة العمليات البحرية جادة بشأن القدرات، فإن "أوركا" تعد خيارًا، مشيرة إلى أن تسريع إنتاج سفن كبيرة مستحيل تقريبا في إطار زمني ضيق. وتستطيع برامج قليلة تابعة للبحرية أن تقوم بتسريع الكميات التي تنتجها بحلول 2027، ومن بينها برنامج "أوركا".

وقد بدأ برنامج "أوركا"، وهي أكبر مركبة غير مأهولة تابعة للبحرية، كحاجة ملحة طارئة مشتركة، طلبتها القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ للحصول على سفينة لوضع الألغام تحت الماء. وحصلت شركة بوينج على عقد عام 2019 وقدمت أول نموذج لـ"أوركا" في عام 2023. وهناك أربع غواصات أخرى من طراز "أوركا" تحت الإنشاء في "هنتنجتون بيتش" بولاية كاليفورنيا. وسيمكن الخط الساخن لإنتاج "أوركا" البحرية من إضافة عدد آخر من غواصات "أوركا" سريعا قبل عام .2027

وقالت جرانت إن حجم الغواصة "أوركا" التي تعمل بالديزل يماثل حجم شاحنة ذات 18 عجلة وبها مساحة 34 قدما مخصصة للحمولة. ويمكن التفكير في "أوركا" كشاحنة عملاقة تحت سطح البحر ذات مهام لا حدود لها ويبلغ مداها 6500 ميل بحري. وهي أكبر سفينة مسيرة تعمل تحت سطح البحر في البحرية الأمريكية. وأظهرت اختبارات أجريت مؤخرا، عمل الغواصة لمدة 48 ساعة بالقيادة الذاتية وذلك لمسافة تغطي أكثر من 120 ميلا بحريا.

وتقدم "أوركا" العديد من الاستخدامات لردع الصين. وسيتم تجهيز كل غواصة "أوركا" لوضع ألغام بحرية سرية إذا تصاعدات أزمة. وتعد المياه الضحلة في تايوان وخط الساحل الخطير منطقة مناسبة لحرب الألغام و"طريقة منخفضة التكلفة للتدخل في الخطط العسكرية للصين، الأمر الذي يزيد مخاطر فشل العمليات"، حسبما أشار ثلاثة محللين.

وبنفس القدر من الأهمية، تقول البحرية الأميركية إن "أوركا" يمكن أن تقوم بعمليات تلغيم معقدة تحت البحر والتي كان من الممكن أن يتم تكليف غواصة مأهولة للقيام بها. وتتمتع "أوركا" بقدرة على التحمل لفترة طويلة مما يسمح لها بالعمل بشكل ذاتي لفترات ممتدة في بيئات صعبة تحت مياه البحر. وتعد تكلفتها أقل كثيرا عن الغواصات المأهولة كما أن الخطر أقل على البحارة. وكما قالت فرانشيتي، قائدة العمليات البحرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، "نعلم أننا نحتاج إلى تبنى تقنيات آلية وأرخص ثمنا وذاتية القيادة لمساعدتنا في اكمال وتوسيع نطاق وصول أسطولنا المأهول وقدرته الفتاكة".

كما أن هناك قدرات أخرى ممكنة للغواصة "أوركا"، مثل اصطياد الغواصات الصينية. وتعتمد الاستراتيجية الأميركية على أفضلية تحت البحر لتحييد قدرات الغواصات الصينية التلقيدية والنووية. وتشكل الغواصات الصينية التي تحمل صواريخ باليستية نووية مشكلة متنامية. وقد نشرت الصين صاروخها الباليستي الجديد "جيه ال-3" (سي اتش-اس اس-ان-20) الذي يتم إطلاقه من الغواصات على متن الغواصات "تايب -094" في عام .2022

وأشارت جرانت إلى أن المدى الموسع لذلك الصاروخ يمكن أن يسمح للغواصات الصينية بالاختباء في مواقع أمامية ووضع أهداف في الولايات المتحدة ضمن مدى أسلحتها. ووجود نظام مستقل ذاتي القيادة مثل "أوركا" في الانتظار يمكن أن يجعل تحقيق هذا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للصين.

وتمكن كل هذه القدرات الغواصة "أوركا" من مساعدة قوة الغواصات وهو ما يسمح بأن تتفرغ الغواصات المأهولة للقيام بمهام أخرى. ويمكن استخدام "أوركا" في أقصى شمال القطب الشمالي إلى بحر الصين الجنوبي، وفي هذه الحالة، ستحتاج البحرية الأمريكية إلى أكثر من خمس أو ست غواصات من هذا الطراز.

واختتمت جرانت تحليلها بالإشارة إلى تصريح تيموثي روتشولز، القائد العام لأسطول الغواصات غير المأهولة الثالث في القاعدة البحرية في مقاطعة فينتورا في بورت هوينيمي بولاية كاليفورنيا، الذي قال فيه "ما نقوم به الآن لدعم المركبات غير المأهولة هو مفتاح النجاح المستقبلي لبحريتنا العظيمة... يجب علينا إنجاز المهمة التي يطلبها منا قادتنا، تسليم أوركا إلى الأسطول، جاهزة للقتال، في أسرع وقت ممكن - هذه هي مهمتنا."

مشاركة الخبر: محللة أميركية: «أوركا» تغيّر موازين حرب الألغام على وسائل التواصل من نيوز فور مي