غابات أفريقيا
هل أفريقيا قارة فقيرة أم أنها واقعة تحت نير التسلُّط والإفقار؟
من بين من يرددون مقولة "مجاهل أفريقيا" من يستبطن معنى غير مقصود هو ما لم يكتشفْ من مناطقها. وندرك أن المستعمرين القدامى وصلوا إلى موارد أفريقيا كما خطّطوا للأمر "سراً وعلانية"، وآثروا الإبقاء على الأمر فيما بينهم عقوداً من الزمن، وحتى من مضى منهم، أبقى على ظله من خلفه ليمارس الاستئثار ذاته بالموارد دون أصحابها.
لقد وجدوا في المجاهل معالم وعوالم من الغنى البيئي، ومن التنوّع الهائل في ظروف بيئية تتدرّج من الغابات الرطبة إلى الصحارى، ومن المناطق الجبلية المعتدلة إلى مستنقعات الغابات الساحلية. وتستأثر الغابات وحدها بنحو 650 مليون هكتار، ما يعني 21.8% من مساحة الأراضي، غير الموارد المتنوّعة التي تتعرّض لتغيّرات مستمرة ناجمة في الغالب عن عوامل ذات صلة بالسلوك البشري، وعلى رأسها التسلّط والتسلطية.
والتسلّط في اللغة هو التحكّم والسيطرة، أما التسلطية فهي صفة النظام السياسي الذي يحتكر السلطة، ويحكم بتعسّف، ويتجاهل القوانين، وإن كان قد وضعها بنفسه. بيد أن هناك خطوطاً حمراء تتعلّق باستدامة الموارد، تظل محروسة بقيم المجتمع، والأفارقة يولون أهمية كبيرة للقيمة الثقافية والروحية للأشجار، خاصة في الغابات المقدّسة، ولمعظم المجموعات المحلية معتقدات وتقاليد تتعلّق بغابات وأشجار معينة، وبالتالي فإنها تقوم بحمايتها.
وشمال أفريقيا هو الإقليم الأقل غنى بالغابات في أفريقيا، وتشكّل نسبة أراضيه المصنفة بأنها غابات 7%، فيما تصل إلى 43% في أفريقيا الوسطى. وتؤكد الدراسات استئثار أفريقيا بـ 16.8% من الغطاء الحرجي في العالم، ويأوي حوض الكونغو ثاني أكبر كتلة من الغابات الاستوائية المطرية المتجاورة في العالم. وتحتل أفريقيا الوسطى وأفريقيا الجنوبية المكانة الأولى بين منتجي الأخشاب الصناعية المستديرة في العالم، فيما تسجل دول غرب أفريقيا عجزاً في الإنتاج بعد أن كانت من بين الأقاليم ذات الفائض. وفي شرق أفريقيا يبقى الطلب القليل على الأخشاب متوازناً مع العرض.
إلى جانب إنتاج الأخشاب والمنتجات غير الخشبية، يعد توفير الغابات الأفريقية للخدمات البيئية، وخاصة حماية مستجمعات المياه، وإيقاف التصحّر، والحفاظ على التنوّع الحيوي، وتثبيت المناخ العالمي، وظيفة مهمة يرى فيها الخبراء ضماناً للأمن الغذائي على المدى الطويل.
وفيما ظلّت محاولات إدخال الإدارة المنتظمة للغابات الطبيعية جارية منذ سنوات، إلا أن القسم الأعظم من الأخشاب يتوفّر من غابات لا تدار بصورة مستدامة. بينما لا تتوافر أية تقديرات موثوقة لحجم الغابات والأحراج المدارة بصورة مستدامة. ويذهب الاعتقاد إلى أن للأمر علاقة وثيقة بالأيدي الخفيّة، أو المتخفّية وراء وجوه برّاقة. حتى يأتي اليوم الذي يستفيق فيه الإنسان الأفريقي ليخرج بموارده من دوائر التسلّط.
(متخصّص في شؤون البيئة)
مشاركة الخبر: غابات أفريقيا على وسائل التواصل من نيوز فور مي