أزمة البن تتجدد في الجزائر... والحكومة تتوعد لوبيات الاستيراد

بعد أسابيع قليلة من تسقيف أسعارها في الجزائر، وهي التدابير التي أعقبت أزمة حادة رفعت أسعارها إلى مستويات تاريخية، تجددت أزمة البُن، إذ تعاني الأسواق ندرة في بعض علامات هذا المنتج الذي يستهلك على نطاق واسع في الجزائر.
وفي إطار تدابير الحكومة لتنظيم سوق البن، تتجه السلطات إلى جعل استيراد هذه المادة حصرياً عبر شركات عمومية مملوكة للدولة، بهدف وضع حد للمضاربة والتلاعب بالأسعار من جهة، وأيضاً كبح تضخيم فواتير الاستيراد من جهة أخرى.
ووفق مصدر رسمي رفيع بقطاع التجارة، تحدثت إليه "العربي الجديد"، فإن السلطات تسعى من وراء هذا الإجراء لضبط السوق والتحكم أكثر فيه، من خلال إسناد العملية لشركات حكومية، مثل ما هو عليه الحال في عدة منتجات أخرى على غرار الحبوب والبقوليات الجافة واللحوم الحمراء والبيضاء.
وإضافة إلى الاستيراد، تعتزم الحكومة أيضاً إشراك القطاع العمومي في عمليات توزيع البن وتسويقه عبر مختلف الولايات الجزائرية، وفق المصدر ذاته، ما سيتيح تنظيماً وضبطاً أكبر للسوق، حسب المصدر الذي رفض ذكر اسمه.
وكانت السلطات قد سارعت أخيراً، للتدخل عبر وزارة التجارة التي اتهمت لوبيات الاستيراد بافتعال المشكل وتوعدت برد حازم.

في هذا السياق، قال وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، في تصريحات أخيراً، إن ملف استيراد القهوة آخر قلاع الفساد في تحويل العملة الصعبة (النقد الأجنبي) إلى الخارج، مشيراً إلى أن الدولة أنهت مشاكل البقوليات والحليب، والتفتت الآن إلى ملف القهوة.
ووفق وزير التجارة، فقد "كشفت التحقيقات الأولية تلاعب بعض المتعاملين الاقتصاديين في عمليات استيراد القهوة وتوزيعها، عبر ضخ كميات كبيرة من مادة القهوة الموجهة للتحويل في السوق السوداء، فضلاً عن هوامش الربح الخيالية".

إجراءات صارمة من حكومة الجزائر

وحسبه، فإن الحكومة لن تتوانى في اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يحاول المساس بالقدرة الشرائية للمواطن، مشيراً إلى اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لتوفير مادة القهوة الموجهة للأسر.
واعتبر زيتوني أن تحجج بعض المستوردين وأصحاب مصانع التحويل بتأخر التعويضات التي وعدت بها الدولة عن فارق السعر، كان ذريعة لعدم تنفيذ ما جاء في المرسوم الخاص بتسقيف الأسعار، رغم ما قال إنها "ضمانات" قدمت إلى المتدخلين في هذا الملف بتسوية مستحقاتهم المالية في حينها.
وعقب استقرار أسعارها في حدود 250 إلى 270 ديناراً (1.89 - 2.04 دولار) لعبوة 250 غراماً، بموجب قرار التسقيف، لوحظت في الأيام الأخيرة ندرة في عدة علامات للقهوة بمحلات البقالة والمساحات الكبرى، بينما اختفت بعض العلامات نهائياً كانت إلى وقت قريب متداولة بشكل واسع في السوق الجزائرية، حسب ما رصدته "العربي الجديد" في عدة أحياء بالضاحية الشرقية للعاصمة، على غرار باب الزوار والدار البيضاء.

وكانت الحكومة الجزائرية قد أقدمت على تسقيف أسعار البن مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتعهدت وزارة التجارة بتعويض المستوردين ومصانع التحويل، بدفع الفارق بين سعر التسويق، والتكلفة الحقيقية للقهوة.
وقبل التسقيف، قفزت أسعار البن إلى مستويات غير مسبوقة، وبلغ الكيلوغرام الواحد نحو 1700 دينار (12.87 دولاراً)، بعد أن كانت سابقاً في مستوى 1000 إلى 1100 دينار للكيلوغرام.

وامتدت تبعات هذا الارتفاع في أسعار البن قبل التسقيف إلى المقاهي التي شرعت هي الأخرى منذ عدة أسابيع في تطبيق تسعيرات جديدة، ما أثار استياء العملاء في مختلف ولايات البلاد.
القهوة تحظى بمكانة مميزة في الجزائر بالنظر إلى استهلاكها الواسع وسط مختلف شرائح المجتمع. وحسب تصنيف لمنظمة القهوة العالمية في أحدث إحصاءاتها، فإن الجزائر تأتي في صدارة البلدان العربية من حيث استهلاك البن.
وحسب المنظمة، بلغت الكميات المستهلكة في الجزائر 126 ألف طن سنوياً، أما مصر فيبلغ استهلاكها 47 ألفاً و520 طناً، والمملكة العربية السعودية 74 ألف طن.

مشاركة الخبر: أزمة البن تتجدد في الجزائر... والحكومة تتوعد لوبيات الاستيراد على وسائل التواصل من نيوز فور مي