«بازار المنجّمين»؟!
أصبحت الأحداث العربية محل سوق رائج للمنجمين، وآخرين يسمون أنفسهم محللي المستقبل، وفي كلا الوجهين يتصدرون كراسي الحوارات التلفزيونية والمنصات التواصلية.
هناك منهم من بلغ حد أن تم كشفهم مباشرة على الهواء عبر شيكات موثقة يستلمها لأجل بث ما يريدون.. وآخرون يتسابقون لعل في الأمر مكسب حتى وإن طرقوا باب كرة القدم بتوقع أبطالها.. واللافت في المعمعة التنجيمية الجارية أن دور المرأة في قراءة الغيب كما يدعون حاضراً وينافس من احتكرها لعقود، ولذا على الآخرين أن يعترفوا بأن العرب أصحاب مساواة، بل لدى بعضهم القدرة أن يتجاوزوا لكي يكونوا أكثر انفتاحاً على دور المرأة بقراءة الطالع العسكري، وتفصيله.. ولا بأس إن سبق مشاركتها شيك أو كاش؟!.
الوضع العربي المليء بالكذب والاختلاق فقد كان فرصة المنجمين وأصحاب رؤية لا تخطئ تعرف تحدياً وشتائم ومدحاً وتقبيل أحذية وشعارات وولاءات تسقط كثيراً ثم يتم استبدالها بأخرى.. لذا فالبازار مستمر وما يتوقع المتابعون أن ينتظرهم جاهز.
نؤكد ذلك ونحن نتفق معهم فقط بأن التنجيم عمل قديم حينما تم ربط ما يحدث للإنسان وما هي عليه النجوم في السماء، ولعل هلع الإنسان وخوفه من المستقبل هما السبب، وأيضاً لا ننكر أن القلق المتزايد للدول والمجتمعات هو ما ينمّي هذا التوجه ويجعله أكثر انتشاراً، ولعلنا لا ننسى أن رؤساء الدول الكبرى كانوا يستخدمون المنجمين خلال حقبة قلق شديدة أهمها في عز الحرب الباردة بين المعسكرين الكبيرين نستدل بما حظي به المنجم جان كيغلي عند الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، والمنجمة الرومانية عند الرئيس ميخائيل غورباتشوف.. وليس ببعيد عنهما المكانة العالية للمنجمة الفرنسية إليزابيث تيسييه عند الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران.
نتجه إلى مسار مرتبط وأكثر قبولاً عقلياً لنشير إلى أن قراءة المستقبل مبنية الآن على الدلائل العلمية وأضحت تشكّل أحد مجالات المعرفة العلمية كشأن مهم ومختلف جداً عن القراءات والتوقعات العشوائية للمنجمين وأفّاكي القراءات السياسية.. لأنها مبنية على حقائق علمية تعبر عن تقدم العلم وتواصل ارتقائه بارتباط وثيق بالواقع، تؤكده الطفرة التكنولوجية التي تبني قرارات مرتبطة بالمستقبل.
المهم في القول: إنه شتّان ما بين ما بُني على علم وما تم وضعه وفقاً لتوقع يتم استلهامه من أوجاع الناس ومصائبهم وإن صدقوا مرة فقد كذبوا مرات كثيرة، هذا العبث بالعقول لا يتوقف أبداً؛ لأن الموجات الوهمية العربية كثيرة تتنقل بين مفسري الأحلام ليأخذوا وضعهم خلال فترة معينة قبل أن يقذف بهم المنجمون، والآن أصحاب الروايات الخارقة من المحللين السياسيين على القنوات التلفزيونية العربية.. لكن ظلت يد المنجمين هي العليا في إطار التفاهة الكبيرة التي تظهر دائماً في التلفزيونات ومواقع التواصل وتعزز من كل ما هو مُضر.. وغير مجدٍ؟!.
مشاركة الخبر: «بازار المنجّمين»؟! على وسائل التواصل من نيوز فور مي