الطلاق الاتفاقي مفضَّل عند المغاربة
بات الطلاق بالاتفاق خياراً مفضلاً للعديد من المغاربة الذين يرغبون في إنهاء زواجهم. وتكشف أرقام رسمية حديثة ارتفاع حالات هذا النوع من الطلاق في محاكم المملكة.
في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أبلغ وزير العدل عبد اللطيف وهبي مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان المغربي) أن حالات الطلاق الاتفاقي في محاكم المملكة وصلت إلى 24 ألف و162 خلال السنة الحالية، وأن المعدل الحالي هو 250 حالة طلاق يومياً. واعتبر أن هذا النوع من الطلاق يعبّر عن اهتمام المرأة والرجل في حلّ مشكلاتهم الثنائية بطريقة راقية.
ووفق المادة 114 من مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية)، يمكن أن يتفق الزوجان على إنهاء العلاقة الزوجية من دون شروط أو بشروط لا تضرّ بمصالح الأطفال. ولدى حصول هذا الاتفاق يقدم الطرفان أو أحدهما طلب الطلاق إلى المحكمة التي تحاول الإصلاح بينهما ما أمكن. وإذا تعذّر ذلك تمنح المحكمة الإذن بالطلاق وتوثقه. ومن أجل إتمام الطلاق الاتفاقي يجب أن يتبع الزوجان خطوات عدة من بينها تقديم طلب الطلاق إلى السلطة القضائية المختصة، والتوقيع على الاتفاق الذي يحدد شروط الطلاق وتسوية الآثار المالية والمادية. وبمجرد إتمام الطلاق تتحدد آثاره القانونية بإنهاء الزواج وتسوية الأمور المالية التي تحدد قيمة النفقة، والطرف الذي يحتضن الأطفال، وطريقة توزيع الأموال والأصول بموجب الاتفاق.
تقول رئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" بشرى عبده لـ"العربي الجديد": "بات الطلاق الاتفاقي مفضلاً لدى العديد من النساء حين يشتد الخصام والشقاق مع الأزواج. وهن يعتبرن في بعض الأحيان أن التنازل عن حقوقهن الكاملة من أجل إنهاء العلاقة الزوجية يصب في صالحهن". تتابع أن "ما يشجع العديد من النساء على سلوك طريق الطلاق الاتفاقي هو سهولة اتخاذ قرار به، وسرعة إجراءاته التي تحتاج إلى مدة زمنية قصيرة مقارنة بباقي أنواع الطلاق، كما أنه يضمن التزامات ومستحقات الطرفين المسجلة في الاتفاق".
وتصف الطلاق الاتفاقي بأنه "حضاري يختاره العديد من الأزواج حين تصل العلاقة إلى مرحلة يصعب فيها الاستمرار تحت سقف بيت واحد. ولأنهم يدركون بضرورة إنهاء العلاقة في شكل راقٍ وبمسؤولية كبيرة تحفظ كرامة الطرفين وحقوقهما".
وترى بشرى أن اللجوء إلى هذا النوع من الطلاق يعود بدرجة أولى إلى كونه بلا تعقيدات بخلاف أنواع أخرى مثل الطلاق للضرر أو للغيبة أو للهجر. وتعتبر أن "الإقبال على الطلاق الاتفاقي يعكس وعي ونضج الأزواج، وهو طريق للخلاص مع تحقيق الطمأنينة والأمان للأطفال بدلاً من العيش في أجواء العنف والخصام في شكل دائم".
من جهتها، تؤكد المحامية في هيئة الرباط عضو "رابطة فيدرالية حقوق النساء"، سعاد بطل، في حديثها لـ"العربي الجديد"، واقع تزايد لجوء الرجال والنساء بشكل كبير في الآونة الأخيرة إلى الطلاق الاتفاقي الذي تنص عليه المادة 114 من مدونة الأسرة، وتشير إلى أن "هذا النوع من الطلاق يتركز أساساً في المدن الكبيرة حيث يزداد وعي السكان تلك بميزاته المتمثلة في سرعة تنفيذه ونجاحه خصوصاً عند وجود أطفال".
وتوضح أن "الطلاق الاتفاقي أوجده البند رقم 114 من مدونة الأسرة التي صدرت عام 2004، والذي يسمح للزوجين بعد الاتفاق بينهما بإنهاء العلاقة بالاتفاق استناداً إلى طلب يُقدَّم إلى محكمة الأسرة للحصول على إذن بتوثيق الطلاق الاتفاقي، أو كما سمته المدونة بالطلاق بالاتفاق، والذي قد يحصل من دون شروط أو بشروط لا تتنافى مع بنود مدونة الأسرة ولا تضرّ بحقوق الأبناء إذا وُجدوا. وبعد تقديم الطلب تحاول المحكمة الإصلاح بين الزوجين، وإذا فشل مسعاها تمنح المحكمة الزوجين حق توثيق طلاقهما الاتفاقي لدى كاتبي عدل خلال 15 يوماً من تاريخ تبليغ مقرر الإذن لهما أو علمهما به".
تتابع: "يوفّر هذا النوع من الطلاق الوقت، إذ يمكن التقدم بطلب الطلاق في الصباح، وبعد عقد جلسة الصلح يمكن الحصول عليه في المساء. لكن يبقى الأهم مراعاة مصلحة الأطفال كي لا يضر اتفاق الطلاق بحقوق الأبناء إذا وُجدوا". وتعزو سعاد ارتفاع معدلات الطلاق الاتفاقي بالدرجة الأولى إلى سهولة إجراءاته وسرعة تنفيذه خلافاً لباقي أنواع الطلاق التي تستغرق مدة زمنية طويلة". وتعتبر أن هذا النوع من الطلاق يساهم، فضلاً عن كونه أسلوباً حضارياً، في عدم هدر زمن القضاء.
مشاركة الخبر: الطلاق الاتفاقي مفضَّل عند المغاربة على وسائل التواصل من نيوز فور مي