عبد الواسع الفاتكي  الأحزاب اليمنية بين المصالح والمبادئ  

عبد الواسع الفاتكي : الأحزاب اليمنية بين المصالح والمبادئ ! 

تم نشره منذُ 3 سنة،بتاريخ: 07-12-2020 م الساعة 07:30:48 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-381189.html في : أراء وكتابات    بواسطة المصدر : اليمني اليوم مقالات

 لن يكتب لأي حزب سياسي النجاح ،  ما لم تنتصر قيادته وقواعده للأهداف والأدبيات السامية ، التي يسعى لتحقيقها قبل الانتصار للذات ؛  أي أن الذات الحزبية عليها أن تتوارى وتختفي لصالح الغايات النبيلة ، التي يناضل من أجلها الحزب ؛ ليجدها واقعا مجسدا وحقيقة ملموسة .

 ينتج تلاشي أو اضمحلال القوى السياسية ،  عندما تتوج نضالات قواعدها وجماهيرها ، بمصالح شخصية أو مكاسب ذاتية لهذا أو ذاك ، بينما الشعارات التي كافحت الجماهير من أجلها ، ظلت حبرا على ورق أو مجرد يافطات ؛ للاختباء ورائها ، وقتئذ ستكتشف الجماهير أنها كانت مخدوعة ، وستفقد الثقة بأي حراك سياسي ، والوصول لهذه الدرجة من فقدان الثقة ، جد خطير يفسح المجال ؛ لإفراغ الساحة السياسية من العمل السياسي مقابل ملؤها بكيانات أو قوى متطرفة .

على أهمية التكوين القيادي والتسلسل الهرمي التنظبمي للقوى السياسية ، كضرورة ملحة للتكامل والتنسيق وتوحيد الجهود ، إلا أن قيادات تلك القوى قد تكن أحيانا حاجز صد ،  أمام توليد أو تأهيل قيادات جديدة ، تنظر إليها تلك القيادات ، التي قذفت بها الظروف لرأس الهرم ، بأنها خطر عليها ، بمقدورها الصعود لمواقعها التنظيمة وإزاحتها جانبا ، ومن ثم تبقى هذه القوى السياسية متكلسة ، لا تتجدد فيها الدماء ، مصابة بالجمود والرتابة ، كل ما تنجزه هو حضور رسمي في أي محفل أو مناسبة  ، أو الحصول على نصيبها من كعكعة السلطة ، التي يفز بها ذوو النفوذ في تلكم القوى ، وفي نهاية المطاف ، نجد أنا أمام قوى سياسية متصارعة فيما بينها ، على محاصصة سلطوية ، ينجم عنها تسوية أوضاع بعض منتسبيها من القيادات العليا أو الوسطى ، بدلا من التنافس على تنفيذ برامج عامة ، تعود على المواطن اليمني بالفائدة .

العمل السياسي بروح الفريق الواحد ، يقتضي تجنب النزوع للأسلوب السلطوي الأبوي في العلاقة بين القيادة العليا والوسطى ، أو بين القيادة والقواعد ، فسلوك هذا المنحى يعطل العقول والطاقات ، ويختزل النضال السياسي في شخوص القيادة لا غير ، وكأن القواعد الجماهيرية عبارة عن عمال أو موظفين عند تلك النخب ، أو أنها قاصرة لا تعي مصلحتها ومصلحة الأحزاب السياسية المنتمية لها ، ومن هنا تنشأ الصراعات الداخلية ، فعندما تنحرف البوصلة من النضال من أجل المبادئ والأدبيات ، التي أسس من أجلها هذا الحزب أو ذاك ، إلى عوائد وظيفية أو مالية ، يتحصل عليها ذوو النفوذ الحزبي ، تدشن مرحلة جديدة من الخلافات والانقسامات ، فيبحث كل شخص عن مصلحته ، سالكا طريقا طويلا من الصدام مع رغبات وأهواء رفاق دربه ، وتتصاعد النزاعات منشئة لوبيات وتكتلات داخل الأحزاب ، هدفها الرئيس الحفاظ على مكتسباتها ، وإقصاء أي شخصيات تراها أنها تهدد مصالحها ، أو تشكل عامل قلق لها ، يقلل من فرص حصولها على المنافع .

المتأمل للقوى السياسية اليمنية يجدها صورة طبق الأصل للوضع السياسي العام، المتسم بالتحاصص الحزبي أو الجغرافي ، وكأن المشهدالسياسي اليمني مشكلته رياضية بحتة ، تكمن في الاختلاف على التوافق على توزيع النسب السلطوية بين الفرقاء اليمنيين ، ويمثل استمرار التعامل مع الوضع في اليمن ، بهذا الشكل ، استمرارا للصراع ، وتأسيسا لدورات جديدة من العنف والتشظي والخلاف ، ما لم تتعامل القوى السياسية اليمنية القديمة أو الجديدة ، بروح الانتماء لليمن أولا وأخيرا ، لا الانتماء للحزب أو الجغرافية والمنطقة ، على حساب الهوية الوطنية ، مع ضرورة تحييد الدولة في الصراع  فيما بينها ؛ لضمان قوننة الاختلاف ، وترشيد الخلاف والتنافس المحمود للوصول لسدة الحكم .

* كاتب سياسي يمني 

مشاركة الخبر: عبد الواسع الفاتكي : الأحزاب اليمنية بين المصالح والمبادئ !  على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

ماذا يقرأ الغرب الروايات الأكثر مبيعا فى قائمة نيويورك تايمز

ماذا يقرأ الغرب الروايات الأكثر مبيعا فى قائمة نيويورك تايمز

منذُ 6 ساعة

أعلنت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن قائمة الروايات الأكثر مبيعا فى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لفئة الروايات...

روايات نجيب محفوظ بين النص الأدبى والمعالجة السينمائية فى مجمع اللغة العربية

روايات نجيب محفوظ بين النص الأدبى والمعالجة السينمائية فى مجمع اللغة ا...

منذُ 6 ساعة

يقيم مجمع اللغة العربية ندوة ثقافية بعنوان روايات نجيب محفوظ بين النص الأدبي والمعالجة السينمائية المصدراليوم...

العثور على دائرتين من العصر الحجرى ربما كانتا جزءا من قوس مقدس فى بريطانيا

العثور على دائرتين من العصر الحجرى ربما كانتا جزءا من قوس مقدس فى بريط...

منذُ 6 ساعة

اكتشف علماء الآثار دائرتين حجريتين تم بناؤهما منذ حوالي 5000 عام في ما يعرف الآن بجنوب غرب إنجلترا المصدراليوم...

حكاية إعادة رأس رخامي عمره 2000 عام من ألمانيا إلى اليونان

حكاية إعادة رأس رخامي عمره 2000 عام من ألمانيا إلى اليونان

منذُ 6 ساعة

أعاد متحف الآثار بجامعة مونستر في ألمانيا رأسا رخاميا لرجل يعود تاريخه إلى عام 150 ميلاديا إلى اليونان كما أعاد المتحف...

شقيق الكاتب الأسير باسم خندقجى أخى يرسل التحيات على أمل الحرية القريبة
شقيق الكاتب الأسير باسم خندقجى أخى يرسل التحيات على أمل الحرية القريبة...
منذُ 6 ساعة

كشف يوسف خندقجى شقيق الكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجى الفائز بجائزة البوكر العربية 2024 عن روايته قناع بلون السماء إنه ...

ارتفاع إصابات الحصبة عالميا كيف يمكن الوقاية والاكتشاف المبكر
ارتفاع إصابات الحصبة عالميا كيف يمكن الوقاية والاكتشاف المبكر
منذُ 6 ساعة

بعد إعلان منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة ارتفاع حالات الحصبة عالميا ...

widgets إقراء أيضاً من اليمني اليوم مقالات

مروان الغفوري  هذا ما سيحدث لو ترك اليمنيون القات
أ توفيق السامعي  تعز بين أبنائها وصاحب الهضبة
أحمد غيلان  أنتم اليمن والحوثي عدو لها
محمد حمود الشدادي  قطاع التعليم بين مطرقة الإنهيار وسندان الضياع