لماذا ترفض السعودية الحوار مع إيران بقلم  وفاء العم

لماذا ترفض السّعودية الحوار مع إيران!! بقلم / وفاء العم

تم نشره منذُ 3 سنة،بتاريخ: 28-01-2021 م الساعة 08:32:20 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-470798.html في : أراء وكتابات    بواسطة المصدر : حيروت - مقالات

بقلم / وفاء العم

تغيب المؤشرات الإيجابيّة عن العلاقات السعودية الإيرانية، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بانتهاء التوترات والصراع القائم بين الطرفين، ولا يبدو أنَّ الرياض تتلقّى دعوات الوساطة بجديّة، وليس آخرها ما عرضته قطر حول الوساطة بين إيران ودول الخليج.

كما تتكرَّر التّصريحات الإيرانيّة بالاستعداد للحوار مع الرياض، وآخرها ما قاله المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، من أنَّ بلاده تجاهلت بعض أخطاء السعودية، وهي مستعدّة للحوار معها حول مخاوفها التي وصفها بالوهميّة، فيما تتمسّك السعودية بموقفها بأنّ الدعوات الإيرانية ليست جدية، ما يثير التساؤل عن الأسباب التي تقف خلف رفض الرياض إجراء حوار مباشر مع طهران أو فتح الأبواب لتسوية سياسية في الملفات العالقة في المنطقة، على الرغم من خسارة السعودية في العديد من الملفات، منها الفشل في عزل حركة “أنصار الله” أو تحقيق أهداف الحرب على اليمن والخسارة في لبنان والعراق وسوريا.

في الحقيقة، هذه الخسارات هي التي تشدّ العصب السعودي. ومن يعرف تاريخ هذه المنطقة الصحراوية من العالم، يعرف أنَّ الخسارة تشدّ العصب القبلي نحو الذهاب إلى الأقصى، وليس العكس، وذلك على قاعدة “إما نحن وإما هم”. إنها خصائص الجغرافيا والإنسان في تلك المنطقة.

بالنّسبة إلى السعودية، إنَّ الأمر مع إيران ليس مجرّد خصومة. هو صراع وجود. وبمعنى أدقّ، لا يوجد مكان في الدبلوماسية السعودية لمفهوم تقاسم النفوذ، ولا تقبل السعودية بقوّةٍ تقود معها العالم الإسلامي بالشراكة، وهو ما يفسر علاقتها المتوترة بأنقرة وخصومتها القصوى مع إيران.

ربما يتساءل البعض: ماذا لو تصالحت مع قطر؟ في الحقيقة، إنَّ الخصومة معها ليست على قاعدة تقاسم النفوذ، بل إن قطر خرجت من البيت الخليجي الذي تضبط إيقاعه الرياض، محاولة الاستقلال بوجهتها السياسية أو فرض تفرّدها الدبلوماسي ونسج تحالفات منفردة لا تتسق مع رؤية الرياض، والتراجع السعودي نابع من محاولة احتواء “ابن عاق”، كما يصف ذلك بعض السعوديين، وذلك لمصلحة أكبر، بمواجهة إيران.

من جانب آخر، هناك من يرى أنَّ ما يجلب السعودية إلى طاولة التفاوضات ليس الخسارات، وإنما تقديم بعض التنازلات التي تحفظ مكانها كمركز مهمّ في العالم العربي والإسلامي، وليس كطرف.

وبالنظر إلى التوازنات في بعض دول المنطقة، فإنَّ المعادلة تغيّرت وصارت معادلة موجعة لدولة بحجم السعودية، فهي طرف في اليمن بعد أن كانت مركزاً، وطرف في لبنان والعراق. وفي سوريا، سجلت خسارة كبيرة. ترفض السعودية هذا التحوّل وتقاومه، فهو تحول على مستوى النفوذ والأمن. وعملياً، تعدّ الرياض مطوقة بالنفوذ الإيراني في العراق من الشمال، واليمن في الجنوب.

هذا الأمر يفسر “الاستشراس” السعودي في مواجهة إيران بين محاولة استعادة النفوذ المفقود وفكّ الطوق، والذهاب بعيداً برعاية التطبيع الخليجي مع “إسرائيل”. إنّ ما يسعى إليه الخليج هو تشكيل جبهة إسرائيلية خليجية للضغط على إدارة بايدن بشأن عودة العمل أو التفاوض حول الاتفاق النووي مع إيران من جهة، ومحاولة تقويضه من جهة أخرى.

قالت الدول الخليجية في قمة “العلا” صراحة: “ينبغي إشراك الخليج هذه المرة في أي مفاوضات مرتقبة بين إدارة بايدن وإيران حول اتفاق نووي جديد، وذلك لضمان معالجة قدرات إيران الصّاروخية ونشاطها المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة”. أما وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، فقد أكَّد أن لا تفاهم مع إيران قبل تغيير سلوكها في المنطقة.

في المقابل، وفي المعلومات، أعطت السّعودية إشارات إيجابية لقطر للمضيّ قدماً في القيام بدور الوساطة مع تركيا، وليس واضحاً إن كانت الرياض تتطلَّع إلى تفاهمات جوهرية أو حوار مع الأتراك للتخفيف من التوترات، ولكن الواضح أن الأخيرة تبحث عن تسويات مرحلية مع بعض الخصوم.

أكثر ما تحتاجه السعودية في هذه المرحلة هو شدّ العصب لمرحلة بايدن، لتقليل خسارة مكتسبات حصلت عليها خلال فترة ترامب الذي كان متشدداً مع إيران، بإنهاء العمل بالاتفاق النووي وتشديد العقوبات عليها والسماح بالحرب على اليمن بحجة مواجهة نفوذها فيه، فيما يبدو أنَّ سياسة بايدن تسير على النقيض من كلّ ذلك، فنتوقّع أن يمارس الضّغط لوقف الحرب على اليمن؛ الحرب التي أدت إلى نتائج كارثية من دون مكاسب تُذكر، والعودة إلى مربّع الاتفاق النووي، والتخفيف من العقوبات، لتشجيع إيران على التفاوض.

هذا كلّه لا يشجع الرياض على الحوار، وإنما يرفع منسوب القلق على النفوذ والأمن. لذا، لا حوار في الأفق مع إيران من جانب السعودية، ولا مبادرات، ولا رغبة في قبول الوساطات، وإنما المواجهة كخيار أول، ما يفتح الأبواب للتساؤل عن مآلات الذهاب بالصراع بعيداً عوضاً عن الحوار، وعن الثمن والإمكانيات، وكذلك عن ارتدادات وجود الإسرائيلي في منطقة الخليج؛ التساؤل عن النقطة التي ستبدأ منها التسوية، هل هي قبل حربٍ أو بعدها، ذلك أن آفاق الحوار والتسوية تبدو بعيدة حتى الآن!

إعلامية بحرينية عملت مذيعة في تلفزيون الميادين، كتبت مقالات عدة في الشؤون الخليجية- نقلاً عن الميادين

The post لماذا ترفض السّعودية الحوار مع إيران!! بقلم / وفاء العم first appeared on موقع حيروت الإخباري.

مشاركة الخبر: لماذا ترفض السّعودية الحوار مع إيران!! بقلم / وفاء العم على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

اليوم العالمى للتليفزيون أقرته الأمم المتحدة تقديرا لدوره الكبير

اليوم العالمى للتليفزيون أقرته الأمم المتحدة تقديرا لدوره الكبير

منذُ 19 ساعة

يحتفل العالم اليوم باليوم العالمى للتليفزيون وهى مناسبة عالمية أقرتها الأمم المتحدة فى ذكرى إحياء أول منتدى عالمى...

جولات وزير الثقافة فى متاحف قطاع الفنون التشكيلية ما أبرز توصياته

جولات وزير الثقافة فى متاحف قطاع الفنون التشكيلية ما أبرز توصياته

منذُ 19 ساعة

في إطار حرص وزارة الثقافة على الحفاظ على التراث الفنى المصرى اجرى الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة جولات تفقدية فى العديد...

بيع لوحة للفنان الفرنسى الشهير كلود مونيه بـ 655 مليون دولار بمزاد نيويورك

بيع لوحة للفنان الفرنسى الشهير كلود مونيه بـ 655 مليون دولار بمزاد نيو...

منذُ 19 ساعة

حققت لوحة بعنوان نيمفياس 191417 للفنان كلود مونيه مبلغ قدره 655 مليون دولار مع الرسوم من ضمن مبيعات المقتنيات الفنية لرائدة...

اكتشاف آثار قناة مائية رومانية كانت تزود دورنوفاريا بالمياه فى بريطانيا

اكتشاف آثار قناة مائية رومانية كانت تزود دورنوفاريا بالمياه فى بريطاني...

منذُ 19 ساعة

اكتشف علماء آثار من جامعة بورنموث آثار قناة دورشيستر أحد أطول المجارى المائية الرومانية القديمة فى بريطانيا...

اليونسكو تمنح حماية جديدة لمواقع التراث اللبنانى المهددة بالحرب مع إسرائيل
اليونسكو تمنح حماية جديدة لمواقع التراث اللبنانى المهددة بالحرب مع إسر...
منذُ 19 ساعة

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو 34 موقعا تاريخيا فى لبنان على قائمة الحماية المعززة...

10نصائح لخفض مستويات الكوليسترول المرتفعة وتحسين صحة القلب
10نصائح لخفض مستويات الكوليسترول المرتفعة وتحسين صحة القلب
منذُ 19 ساعة

الكولسترول عبارة عن مادة شمعية شبيهة بالدهون توجد في خلايا الجسم والدم وهو ضروري لإنتاج الهرمونات وفيتامين د ومواد مثل...

widgets إقراء أيضاً من حيروت - مقالات

عن السفينة الانتحارية ومحاولة اغتيال قناة السويس بقلم نارام سرجون
الأسير مجد بربر حر مرة ثم حر ثانية بقلم هنادي قواسمه
بعد حادثة الكونغرس هل بدأ العد العكسي لانهيار الولايات المتحدة  بقلم خالد البوهالي
كلام الله  هو الفيصل بيننا وبين السلطة