مشاهدات عن بعد  مهرجان المسرح العربي الدورة 14 بغداد

“مشاهدات عن بعد” .. مهرجان المسرح العربي الدورة 14 بغداد

تم نشره منذُ 3 شهر،بتاريخ: 18-01-2024 م الساعة 03:44:30 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-1972317.html في : اخبار محلية    بواسطة المصدر : هورايزونس



كتب: عبدالقادر صبري

مسرحية بيت ابو عبدالله_ العراق
للمخرج أنس عبدالصمد

كان هذا أول عمل تقع عليه عياني من أعمال مهرجان بغداد المسرحي منذ مدة. فلقد كان آخر حضور لي لمهرجان مسرحي، في بغداد، في بداية تسعينات القرن المنصرم، وكنت قد شاركت في الدورة الثانية لمهرجان بغداد قبل سنوات من انطلاق النسخة الحالية لمهرجان المسرح العربي بصيغته الجديدة تحت إشراف الهيئة العربية للمسرح.

بالنسبة للعرض كان يهمني ملاحظة مدى الاستفادة التي حققها المسرح “في الوطن العربي” من التقنيات المعاصرة بعد مرور ثلاثة عقود على تواجدي آخر مرة في بغداد.. عاصمة المسرح العربي.. والحقيقة أنني لاحظت أن العجلة دارت إلى الوراء.. فلم تضف الحداثة كثيرا على العروض، ومايزال الصراخ متحكما في أداء وانفعالات الممثلين.. والمفارقة تكمن في أن العرض المسرحي الذي يفترض انه ينتمي إلى المسرح الصامت أو التعبيري الحركي بانتوميم كان مدويا وصارخا.

أما هشاشة الرؤيا فما تزال طاغية على المشهد، ولكن هذا العرض أفلت، إلى حد ما، من هذه الشراك.. ولحسن حظي اني شاهدت العرض بشاشة كبيرة مزودة بنظام صوتي سينمائي منزلي، مما ساعدني على الاستماع إلى كل نفَس وشهقة ووتر ونغمة في العرض. واعجبتني كثيرا الموسيقى التصويرية المصاحبة للعرض.. وكذلك نجاح الهندسة الصوتية (لهذا العرض)، وهو مالم يتح، بنفس الدقة لعروض أخرى شاهدتها حتى الآن..
وسيتم تحديث هذا المنشور بعد استكمال مشاهدة جميع العروض المتاحة.

مسرحية انتيجوني_ الأردن
إخراج: حكيم حرب

عمل جميل ومميز، التوظيف المعاصر الأسطورة أدويب وانتجون وموضوها الشائك، تم تناوله كاسقاط رمزي على واقع مشوه.. شاب العرض فقط بعض الأداء الصراخي، وهي مشكلة يعاني منها المسرح العربي بشكل عام، لكن انفعالات الممثلين كانت معبرة مع ثقتي بأن الفنان حكيم حرب يستطيع أن يصل إلى مدى أبعد في ضبط العرض وإيصاله إلى لحظة الذروة.

مسرحية اكستازيا_ المغرب
من إخراج: ياسين أحجام

عمل جميل وممتع، يناقش قضية أزلية بأسلوب معاصر، ولحسن حظي أني افهم اللهجة المغربية، ولكني كنت أتمنى أن تكون الهندسة الصوتية أكثر انضباطا لكي لا يطغى الجيتار الكهربائي على اصوات الفنانين في لحظات الحوار المهمة.. الأزياء موظفة بشكل جميل ولكن بعضه بدا غير مبرر.

مسرحية ثورة_ الجزائر
إخراج: عبدالقادر جربو

مسرحية جميلة استمتعت بها كثيرا وكان من السهل ملاحظة الجهد الكبير المبذول في الاعداد والإخراج والأداء… بل وحتى المخاطرة الجسدية.. وتوظيف الديكور بما يظهر عمق الرؤية.. تنويع الخطاب بين الفصحى والدارجة الجزائرية واللغة الفرنسية كان مربكا بعض الشيء، ولكن لحسن حظي أني أفهم اللهجة الجزائرية.. توظيف الخطاب الأدبي لكاتب ياسين كان جميلا وتمنيت أن يأخذ مساحة أكبر.


مسرحية كلام _ المغرب
المخرج: برسلهام الضغيف

شاهدت المسرحية واستمتعت بها كثيرا.. مكتوبة بلغة رصينة.. وأداء متمكن من اللغة.. ومخرج متمكن من أدواته.. يقدم لك الكثير من المفاجآت أثناء سير العرض باستخدام قطع الديكور البسيطة.. مستفيدا من الضوء واللون..
مسرحية كلام هي من المسرحيات القليلة التي تنجو من الصراخ والعويل بالرغم من أن ثيمتها هي الموت..
الحبكة: هذا ما افتقرت إليه المسرحية، فلا توجد حبكة واضحة، ومع ذلك لم نشعر بالملل.. لأن اللغة الشعرية كانت في حدّ ذاتها محبوكة بما يحقق المتعة والفائدة.


مسرحية سدرة الشيخ_ عمان
إخراج: عماد الشنفري

لم أكن أنتظر الكثير من هذا العرض ولكن شاءت له الأقدار أن يفاجئني.. ديكورا وأداء واضاءة وموسيقى.. وحتى الازياء كانت موفقة.. الحبكة المبتورة هي التي لطمتني على خدّ الخيال.. اللهجة العمانية كانت سهلة المنال واللغة مستصاغة.. زمن المسرحية المضغوط أدى إلى أن نسمع عن الأحداث لا ان نشاهدها.. المسرحية محاولة غير مكتملة للولوج إلى عوالم المسرح الاحتفالي.
قدمت المسرحية مسحة كوميدية طريفة واستطاعت أن تحقق عنصر الفرجة.. أشد على يد طاقم العمل.

مسرحية زغنبوت_ الإمارات
إخراج: محمد العامري

العنوان يوحي بكلمة عراقية معناها السم.. وتقال كلعنة معناها فليكن طعامك سما لك.
والمسرحية فعلا حيكت حول عنوانها.. اذا يستغل تاجر البانيال، وهي كلمة كانت طلق على التجار الهنود في الخليج واليمن، عوز أهل الديرة، ما قبل النفط، ويساومهم على جوهرتهم المكنونة ابنة النوخذة، أي الشيخ، وبدعم من ملالي الضرورة.
هذا العمل اعتبره من وجهة نظري حتى الآن أكثر عمل مكتمل دراميا.. ومدروس سينوغرافيا ومتصالح مع أدواته.. صحيح أن العمل لم يصل بي إلى درجة قشعريرة الجلد، رغم أداء جوهرة البديع ووالدتها، ولكنه كان متماسكا، يسير بالمشاهد تدريجيا إلى اللحظة الممسرحة(ماذا بعد) .
كنت أتوقع نهاية أكثر دراماتيكية للعمل، غير الجنون، ولكنها رؤية مؤلف واحترمها.. العمل أعجبني والإمارات لديها مسرح مقنع.

مسرحية حلمت بيك البارح_ تونس/ سوريا
إخراج مشترك: لبنى ملكية وابراهيم جمعة

أول ما يتبادر إلى الذهن هو لماذا قمت بإضافة سوريا إلى العرض بالرغم أنه لا وجود لاسم سوريا في البرنامج الرسمي. وهنا تأتي أهمية لغة العرض والجدل الجديد/ القديم حول الفصحى والعامية .. أنا شخصيا لم أكتب إلا بالفصحى جميع مسرحياتي، والمسرحية الوحيدة التي كتبتها بالعامية كتبت بالفصحى أصلا ثم يمننتها.
أما هذا العرض فهو عبارة عن ديالودراما بين ممثلين اثنين،  امراة ورجل.. المرأة تونسية وتتكلم باللهجة التونسية، التي لحسن حظي افهمها، بسبب صداقاتي مع توانسة.. والرجل يتكلم باللهجة السورية، المفهومة طبعا بسبب انتشار الدراما السورية.. وبما أنهما متشاركان في البطولة، فيعتبر العمل تونسي / سوري مشترك.. ولو كانت اللغة المستخدمة في العرض فصحى فيمكن أن ينسب العمل إلى تونس فقط لأنها هي من تقدمت به.. هذه المقدمة بدت لي مهمة للوقوف قليلا  على ما يسمى “هوية المسرح العربي أو المسارح العربية” وهذا ليس موضوع حديث هذا الهامش.

العرض: ينتمي هذا العرض إلى المسرح التجريبي.. واللافت للنظر استخدام الممثلة التونسية بشكل مكثف للتعبير الجسدي وخصوصا بالوجه واليدين.. و كعرض تجريبي لايمكن أن يحاكم ضمن سياقات و أطر المدارس المسرحية  الأخرى. فكل شيء يدخل تحت عباءة التجريب ولكن ……..
ما أن تشاهد العمل حتى تكتشف انه في الحقيقة لم يكن يوجد في المسرحية حوار.. فالشخصيتان لم يتحاورا إلا في سطرين تقريبا.. على شكل سؤالين.. سؤال في بداية العرض، ودائما هي التي تسأل: هل يمكن ان نقوم بتمثل هذه القصة؟!
وسؤال في آخر العرض: هل تعلم اني حلمت بك؟! (والحديث طبعا بالدارجة التونسية) أما باقي المسرحية فهي عبارة عن مونولوجات طويلة يحكيها كل منهما في سياق مختلف.. مما أصاب العرض بشيء من الملل، رغم كل محاولات المسرحة والتجريب والتغريب كعمل؛ العرض جميل واحترافي استطاع أن يلعب في مساحة ضيقة جدا مستفيدا من كل سنتيمتر مقدما فرجة لذيذة، والحقيقة شعرت أنني أشاهد مسرحيتي مونودراما في عرض واحد..
يحسب للعمل بجد أداء الممثلين الهادئ والبعيد جدا عن التهويل.. أحببت ذلك جدا.

البؤساء_ مصر
إخراج: محمود حسن حجاج

عرض بائس!.
مشكّل يا لوز.. خلطة من خيال الظل.. على مسرح الدمى.. على دمى بشرية.. على شخصيات كاريكاتيرية.. على كلاسيك..  على ستاند شو.. على تراجيديا.. على كوميديا.. على هزل.. فصحى على عامية على وعلى وعلى…. وكأنها لعبة وليست مسرحية؟!.
المسرحية التي تثير لديك سؤالا  أكيدا: أين المخرج؟! وماذا يريد؟! وماذا يفعل هؤلاء ؟!.
يبدو العرض وكأن مجموعة من الهواة يقدمون رائعة فيكتور هوجو بأسلوب مدرسي.. فلا تعرف هل هذا العرض موجه للكبار أم للصغار.. ولماذا كل هذا الحشو والاطالة وكأن كل ممثل أراد أن يفعل ما يريد دون خطة.. حتى الازياء كانت مجنونة وعازف البيانو يغرد لوحده في واد.. كأنه يقود غرقى سفينة تيتانيك إلى حتفهم !
ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يقول لك انه لم يستمتع..
خلطة سحرية لا تفعلها إلا مصر.. أم الدنيا.. وصاحبة مسرح الدنيا.. مسرح الفوضى الخلاقة.

مسرحية تكنزا_ قصة تودة_ المغرب
للمخرج: أمين ناسور

مسرحية تناقش قضية اضطهاد المرأة (الفتاة تودة) وقمعها بسبب وطأة التقاليد..
هذا العمل كبير، كبير بموضوعه، كبير بتناوله، كبير بكبريائه المسرحي الملحوظ..
عمل مسرحي متكامل.. لا ينتمي إلى العروض الاخرى المقدمة في المهرجان.. فهو عمل مليء بالفنون الاخرى.. تجد فيه مسرح.. تجد فيه موسيقى.. تجد فيه رقص تعبيري.. تجد فيه فن تشكيلي وتجد فيه حتى سينما.. عمل مليء كذلك بالمفاجآت.. مشغول بدقة متناهية تعكس الجهد البحثي المعد لتقديم أسطورة امازيغية في سياق من الحلم.. عنوانه الأصالة.. يستخدم المخرج في هذا العمل الكثير من الموسيقى الأصيلة.. والألحان الامازيغية ذات الوتر الخماسي الذي يلامس شغاف القلب، رغم عدم رقي التجهيزات الصوتية إلى مستوى العمل، ولكن يصلون بك إلى لحظة الدروشة باصرار.

استطاع المخرج توظيف البعد الثالث في الديكور من خلال خلق كواليس في قلب الخشبة.. واستطاع حتى توظيف أجساد الممثلين كقطع ديكور.. وفق لوحة جدارية تتشكل باستمرار بحثا عن لحظة الفرجة الماتعة وقد فعل.

تناول الخطاب المسرحي عدة مستويات تفسر بعضها بعضا وتدعمها بالصورة.. إنه مسرح صورة بامتياز ومسرح كولاج.. مزيج من الصور الثابتة والمتحركة تم فيه توظيف كل عناصر السينوغرافيا بدقة عالية وبمزيج هارموني ولكن…..
هذه ال(لكن) التي تأتي قبل العاصفة ليتها لم تكن، ومع ذلك نقول ولكن.. نلمح على الفور غياب النص أو تغييبه في صالح الصورة .. وهذا يحدث أحيانا، أو غالبا، في المسارح العربية حين يفرض المخرج رؤيته الاخراجية على المؤلف لا أن يجسدها.. تشعر أن العمل كتب بأمر من المخرج.. وأن دور المؤلف تضاءل، ولا بأس بذلك في إطار التجريب، والامكانات المحدودة، .. ولكن، كم كان سيكون هذا العمل محلقا أكثر لو توافر على نص أكثر اكتمالا.
أما التجسيد والأداء فكان اخراجا آخر للعرض بأجساد الممثلين وأصواتهم.
أوصلني هذا العمل إلى لحظات الذروة أكثر من مرة.. وخصوصا ترنيمة “في الجنوب كلّ النساء بقلبين وكتاب يمشي على قدمين”..
وصدمت حين استمعت إلى الاستوديو التحليلي للعمل،  والذي لم يستطع مجاراته، ولم يكن بمستوى هذا العمل المسرحي المتكامل..
أكثر من ممتع أكثر من مجرد فرجة.

مسرحية الجلاد_ الإمارات
المخرجة: إلهام محمد

ابن الجلاد يصارع من أجل التخلص من إرث ابيه الثقيل
مسرحية من شخصيتين الزوج والزوجة مع مجموعة راقصين تعبيريين.
أولا: لا يجب أن نمتدح عملا مسرحيا لأن مخرجته امرأة.. فهذا تقليل من شأن المرأة.. ولا ان نتملق العمل لأنه من انتاج الدولة الممولة للمهرجان.  فهذا تقليل من شأن أنفسنا ومن هيبة المسرح.
ولكن، الحقيقة أن العمل فرض نفسه بقوة.
نص مكتوب بلغة عالية رصينة، ومستوى فكري عالٍ.. أداء يرتقي إلى مستوى هذا النص، واخراج يرتقي بالنص والعرض معاً.
هذا العمل كأنه معمول من كاتالوج المسرح.. متوازن بعناية.. والذي يشدك أكثر .. كيف أن حركة الميزانسين متزامنة تماما مع الحوار ومنسجمة مع الظل والضوء واللون والصوت حرفيا..
أعجبني العمل كثيرا.. وهو يؤكد على أن الإمارات تخطو بخطى واثقة نحو مسرح محترف..
الشيء الوحيد الذي استوقفني سلبا هو عدم انسجام الرقص التعبيري مع روح خطاب النص .. والسؤال.. ليش؟!.
لماذا؟.
نعم، جميل أن يكون هناك تعبير حركي داخل عرض مسرحي، لكسر رتابة حوار طويل مثلا، ولكن الرقص لمجرد الكسر لا معني لهه ما لم تضف الحركة التعبيرية بعدا آخر للعرض وللنص أو على الاقل تكملهما.
أما الأغنية الأجنبية فكانت بكل تفاصيلها خارج السياق ..  محشورة كنبتة غريبة. والمصيبة انها تكررت في الختام! لماذا؟!.

مسرحية حياة سعيدة_ العراق
المخرج: كاظم نصار

تجلس أما عمل بدايته مهزوزة وركيكة.. مناظره فقيرة(ثلاثة قطع فقط) ديكوره مستهلك( سرير وطاولة وحائط متشقق).. فكرته مكررة(زوجة تطلب الانفصال من زوجها ليلة الزفاف لأنه يشخر)، فيقلب عليك الطاولة، وينتزع الدهشة من فمك.. حين يتحول إلى كوميديا سوداء.. الضاحك المبكي.. لزوجين بائسين تذهب بهم الفانتازيا إلى تصور مستقبل أبنائهما وبناتهما.. يحلمان فقط بمجرد ميتة مشرفة (ومشوقة) اكثر دراماتيكية لأبنائهم، من الطرق التقليدية للموت في بلاد الموت.. وكأن العراقي خلق ليموت .
أداء الممثلين فرجة الفرجة..
الشقة في الجدار يزيد ويتسع لكما ازداد الشقاق بينهما
والمخدات تتحول إلى قبور.
الشخصية الثالثة، المضيف، أربكت العمل كثيرا، وكان يمكن للزوج أن يلعب هذه الشخصية لشد إيقاع المسرحية أكثر.. أما الفتاة الإضافية فشخصية لا محل لها من الإعراب.
كانت البداية مترهلة والنهاية كذلك .. وهذا حال كل الأعمال التي شاهدتها في المهرجان حتى الآن.. النهايات غير المدهشة.. اذ لم يتوفر اي عمل على النهاية/ الدهشة حتى الآن.

مسرحية صفصاف_ العراق
إخراج وتأليف: علي عبدالنبي الزيدي

مجموعة من الرجال البائيسن بينهم امرأة متحولة، ينتظرون عند الإشارة لمدة اربيعن عاما، للانتقال إلى المرحلة التالية من حياتهم، ولكن الخطوة هذه لا تحدث.

تنتمي هذه المسرحية الى مسرح  العبث، مدرسة صامويل بيكت صاحب في انتظار جودو.
هذا النوع من المسرح، ذو التقاليد المسرحية القاسية، يصعب الاقتراب منه، مالم يكن لديك ممثلون مقتدرون جدا..
أنت لاتحتاج إلى موسيقى خرافية،  ولا إلى مؤثرات مبهرة، ولا إلى ديكور ضخم، ولا إلى أزياء صارخة، ولا إلى اكسسوار خيالية.. بقدر حاجتك إلى نص قوي ذو رموز دلالية،  يعبث بأفكار المتلقي.. وإلى مخرج يمتلك رؤيا فلسفية تستوعب هذا النص.. والى ممثلين ، كما قلنا، أولاد كبار .. يعرفون كيف يمسكون بتلابيب لعبة المسرح ..
وقد توافرت المسرحية على كلّ ذلك، لتصل بك إلى مبتغاها. وتجعلك، ببساطة، تصرخ معها  بصوتك المشروخ: تبا للحرب.
فعلا تبا للحرب التي ابعدت العراق العريق كل هذه السنين من حاضرة المسرح العربي وهاهو يعود بقوة ويكتسح مستعيدا مكانته الريادية. 

دلالات ورموز: وكإشارة ذكية إلى أن الحرب التي التهمت العراق تحدق بكل الوطن العربي،  ألبس المخرج الذكي،  ابطاله الالوان التي تتشكل منها اغلب الاعلام العربية .. الأبيض والأسود والأحمر والاخضر، اما خامسهم فكان يرتدي كفنه.
هذا النوع من الأعمال أحبه جدا، واستمتعت به إلى أقصى درجة،  ولكني كنت اتمنى ان يتم تكثيف العرض اكثر ، ويتم تشذيبه من الجمل المباشرة غير المنسجمة مع السياق الانيق للغة النص الشعرية.. أشد على يد طاقم العمل.

غدا وهناك_ تونس
إخراج ودراماتورجيا: نعمان حمدة

اخزر لي تعني انظر الي باللهجة التونسية، ورأيت أن افتتح هذا الهامش كتعليق على هذا العرض بهذه الكلمة لاطرح سؤالا وجيها . ماذا لو جلست أمام عمل مسرحي طوله ثمانون دقيقة وانت تستمع إلى مثل هذه الكلمات في الحوار ؟! واحيانا تتخلله كلمات فرنسية ؟!.

طبعا سيكون ذلك مرهقا،ولا نقول مستحيلا، للمتلقي العربي خارج حدود المغرب العربي الحبيب .. ولذلك لجأ المخرج الى الكثير من الرقص والإيماء والتعبير الحركي الجسدي والغناء لإيصال فكرة بسيطة جدا ولكنها معقدة في دلالاتها.. عرض بمجموعة شباب وشابات يحاولون الاحتفال بحفلة عيد ميلاد!.
هل هذه القضية مهمة بالنسبة للجمهور العربي الذي لديه من مشاكل “وجع الحياة” الكثير الكثير ؟!.
طبعا لا..
ولكن، إذا تحولت الحفلة إلى مكان مرعب، ومهجور، يجد فيه الشباب أنفسهم وهم يصارعون لأجل الحياة والولادة من جديد، هنا فسيكون عملا ذو قيمة عالية بامتياز، وهذا ما يقدمه العمل الرائع البديع..
الديكور: لا يوجد ديكور
الاكسسوار: لا يوجد
الازياء : مش مهم
الماكياج: مش مهم
اذاً، ما هو المهم في العمل؟!
الأداء.. التمثيل.. حركة الجسد.. أصوات الممثلين وانفعالاتهم، بكاء وحزن وغضب وفرح وضحك وهيستيريا ووو .فأنت جئت لتحتفل بالحياة، ولم تجد أمامك غير الموت.
الأداء المعبر التعجيزي، هو ما أبدع فيه طاقم العمل مستفيدين من أجواء الموسيقى والإضاءة الباهرة والسينوغرافيا المسبوكة بدقة.

مسرحية ترنيمة الانتظار_ العراق
إعداد وإخراج: علي حبيب

هذا النوع من المسرح الايمائي الصامت يتم التعبير عنه بالجسد لا بالكلمات..
و غالبا ما يتهيب النقاد الكتابة عن مثل هذه الأعمال، واذا كتبوا يكتبون بكلمات وجمل لوغاريثمية اكثر إيهاما من العرض.. وقد يخلطون بين التعبير الحركي الراقص وبين “البانتوماميم” الذي هو في الأساس مخصص للمسرح الكوميدي، ويركز على حركات الوجه، بينما الأول يمكن ان تحمله كل انواع المسرحيات، وكلاهما يمكن ان يحل محل النص المسرحي. بل ويكون اكثر بلاغة منه ..ولكن .. هل كانت هناك ضرورة لإلغاء النص الأصلي والاستعاضة عنه بالتعبير الحركي؟!!.

لو طبقنا هذاةالسؤال على عرض الليلة لمسرحية ترنيمة الانتظار فستكون النتيجة لغير صالح العرض .. فالعرض المستوحى من مسرحية “في انتظار فلاديمير ” للكاتب العراقي مثال غازي ، والذي استوحاه أصلا من مسرحية “في انتظار غودو لصمؤيل بيكيت، لا علاقة له بما شاهدنا في هذا العرض..
هذا العرض/ اللوحة يمكن ببساطة ان يجسد مذبحة سبايكر والمقتلة الكبرى التي تعرض لها ، ومايزال، الشعب العراقي وخصوصا الشباب منه (ثوار تشرين أنموذجا).
إنه عرض مدهش وفريد يعبر فيه الشياب بأجسادهم العارية عن حلم الولادة من الركام والحطام. والتمسك بالحياة لشعب يعشق الحياة، ويقدسها، ويستحقها، وهو الشعب العراقي، الذي يعيش في بلد يعشقه  الموت ويركض وراءه بعربانة مكسرة(تعبير عراقي معناه يطارده بدون وجه حق )  . ولو تعاملنا مع العرض  بهذا التوصيف، ونظرنا اليه من هذا المنظور، لوجدنا، دون جدال، انه يستحق بحق ان يكون صاحب الجائزة الأولى لهذا المهرجان..
والسؤال الذي يفرص نفسه : لماذا لم تتح لهذه المسرحية فرصة التنافس على جوائز المهرجان؟!
ونقطة على آخر السطر.
مع مودتي.







The post “مشاهدات عن بعد” .. مهرجان المسرح العربي الدورة 14 بغداد appeared first on بيس هورايزونس.

مشاركة الخبر: “مشاهدات عن بعد” .. مهرجان المسرح العربي الدورة 14 بغداد على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

أسعار الدواجن والبيض في مصر اليوم الخميس

أسعار الدواجن والبيض في مصر اليوم الخميس

منذُ 1 ساعة

نقدم لكم أسعار الدواجن والبيض اليوم الخميس والتي شهدت تغيرات كبيرة شهدت أسعار الدواجن اليوم في الأسواق هبوطا إلى نحو 74...

أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الخميس

أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الخميس

منذُ 1 ساعة

نقدم لكم أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الخميس سجل سعر طن الحديد الاستثماري نحو 4264286 جنيه سجل سعر طن حديد عز اليوم...

أسعار الدولار في مصر اليوم الخميس

أسعار الدولار في مصر اليوم الخميس

منذُ 1 ساعة

نقدم لكم خلال السطور التالية أسعار الدولار في مصر اليوم الخميس سعر الدولار فى البنك الأهلى المصرى 4808 جنيه للشراء 4818 جنيه ...

تشيلسي وتوتنهام فى ديربي ناري بالدوري الإنجليزي

تشيلسي وتوتنهام فى ديربي ناري بالدوري الإنجليزي

منذُ 1 ساعة

يستضيف تشيلسي نظيره توتنهام التاسعة والنصف مساء اليوم الخميس على إستاد ستامفورد بريدج في ديربي لندن ضمن منافسات الجولة...

أسعار الخضار والفاكهة اليوم الخميس
أسعار الخضار والفاكهة اليوم الخميس
منذُ 1 ساعة

نقدم لكم خلال السطور التالية أسعار الخضار والفاكهة في أسواق الجملة اليوم الخميس يتراوح سعر الطماطم من 35 إلى 65 جنيه...

موعد مباراة الزمالك أمام البنك الاهلى بالدوري المصري
موعد مباراة الزمالك أمام البنك الاهلى بالدوري المصري
منذُ 1 ساعة

يستعد فريق الزمالك بقيادة البرتغالى جوزيه جوميز اليوم الخميس لمواجهة البنك الأهلى المقرر إقامتها على استاد القاهرة ضمن ...

widgets إقراء أيضاً من هورايزونس

في ظل صمت مريب للسفارة اليمنية بالقاهرة الأمن المصري يقرر ترحيل الزميل توفيق الجند قسرا إلى عدن بعد شهر من اعتقاله
براءة المستثمر اليمني عبدالصمد المحمدي الذي قتل تحت التعذيب بتهمة كيدية في السعودية
تعز نادي التعاون الرياضي والثقافي ينظم البطولة التنشيطية الأولى للعبة الكونغ فو بمديرية الشمايتين
توجه رسمي نحو الاكتفاء الذاتي ومنع استيراد بعض المنتجات الزراعية