المرسوم 54 سيف مسلط على حرية التعبير في تونس
بعد سلسلة من القرارات والأحكام القضائية بالسجن لسياسيين وصحافيين وفنانين، عاد الجدل مجدداً في تونس حول المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في 13 سبتمبر/ أيلول 2022، والمتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية، خاصة الفصل 24 الذي يجرم حرية التعبير وتصل العقوبات فيه إلى السجن 10 سنوات.
وأصدر القضاء التونسي، الخميس، حكماً بالسجن لسنتين على شاب رسم جدارية في محافظة المنستير لسعيّد، بعد فترة قصيرة على إيداع رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى السجن بسبب فيديو نشرته على "إنستغرام"، وإخضاع الصحافي زياد الهاني والمحامية سنية الدهماني للتحقيق بسبب تعليقاتهما في برنامج بثّته إذاعة إي أف أم الخاصة.
ومنذ إقراره، اعتبرت المنظمات الحقوقية والنقابات المهنية المرسوم 54 بمثابة سيف مسلط على حرية الصحافة والتعبير في تونس، وتتالت دعواتها إلى إلغائه منذ أكثر من سنة دون استجابة من قبل السلطات التونسية.
ورأت عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين، جيهان اللواتي، في حديث مع "العربي الجديد" أنّ "المرسوم 54 يشكّل خطراً على حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، وتوظفه السلطة التونسية لإسكات كل الأصوات المعارضة"، مضيفة أن "توظيف هذا المرسوم من قبل الأجهزة القضائية التونسية فيه انحراف غير مقبول عن نصوص أخرى تنظم الإعلام في تونس ومنها المرسوم 115 الذي لا توجد فيه عقوبات بدنية سالبة للحرية مثلما هو الشأن للمرسوم 54".
ولا يعد الموقف المعارض للمرسوم حكراً على الصحافيين، إذ تدعو معظم المنظمات الحقوقية، ومنها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي دعت أكثر من مرة على لسان رئيسها بسام الطريفي، إلى "إلغاء القانون الزجري" الذي يعتبر مكبّلاً للحريات الفردية والجماعية، وخاصةً عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وخلال الأسبوع الماضي، أصدر مرصد انتهاكات حرية الرأي والتعبير في تونس كتاب كوميكس (رسوم مصورة) بعنوان "عبر وال 54 يدبّر" باللهجة التونسية وباللغة الإنكليزية، شرحت فيه مخاطر المرسوم الرئاسي والعوائق التي يرسمها أمام حرية الصحافة والتعبير وتضارب أحكامه مع الدستور التونسي، وقدّمت طرقاً فعّالة لتجنب الوقوع تحت أحكامه الزجرية.
وأكّد نائب في البرلمان التونسي رفض ذكر اسمه في حديث مع "العربي الجديد" عن رغبة لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي بإعداد نص قانوني يعدل الفصول الزجرية في المرسوم 54، ودعا منظمات المجتمع المدني، ومنها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، إلى المبادرة باقتراح مشروع تعديل للمرسوم يقدم إلى البرلمان التونسي للنظر فيه.
ولفت النائب إلى أنّ السلطة التونسية قد تتفاعل مع هذه التعديلات بشكل إيجابي في ظل الضغوط التي تتعرض لها داخلياً وخارجياً، بسبب المرسوم الذي يقيّد حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.
وبات المرسوم 54 بات هاجساً لدى النخبة الإعلامية والسياسية التونسية التي تعمل بكل الطرق إلى إلغائه أو تعديله، لما تسبب فيه من تجاوزات لحقوق الإنسان فى تونس كان من نتائجها محاكمة عشرات التونسيين والتونسيات. لكن التشاؤم يسود لدى أغلبية المعارضين الذين يرون أن السلطات التونسية، ممثلة برئيس الدولة، أقرّت المرسوم لمعاقبة كل من يخالفها.
مشاركة الخبر: المرسوم 54 سيف مسلط على حرية التعبير في تونس على وسائل التواصل من نيوز فور مي