الحقيقة العارية في غزة الخوف من علامة النصر 44

الحقيقة العارية في غزّة... الخوف من علامة النصر (4/4)

تم نشره منذُ 2 شهر،بتاريخ: 19-02-2024 م الساعة 08:40:16 الرابط الدائم: https://newsformy.com/news-2013674.html في : اخبار سياسية    بواسطة المصدر : العربي الجديد

أثناء زيارة إلى مستوطنات حزام غزة التي استهدفتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لرؤساء المجالس المحليّة، إن "يحيى السنوار سيخرج من تحت الأنقاض رافعاً علامة النصر. لن أوافق على ذلك".
هناك مفارقة في هذا التصريح، خصوصاً أن إسرائيل إلى الآن لم تصل إليه، ولا يعرف جيش الاحتلال، حسب الرواية العلنيّة، أنه في نفق ما؛ إذ بث جيش الاحتلال تسجيلاً يظهر فيه من زُعم أنّه السنوار، من دون أن يظهر وجهه، في محاولة مضحكة. فبعد كل هذا الدمار، لا أثر حتى لوجهه. هناك شخص نراه من الخلف يسير في ما يبدو أنه نفق.
لا تتعلق الحقيقة العارية في هذا السياق بالسنوار نفسه والجدل المحيط به، وتفاخر إسرائيل بنشر تسجيل يظهر فيه من الخلف من دون أن نعرف إن كان هو حقاًً، بل بعلامة النصر نفسها؛ الإصبعين المرفوعتين علامةً على عدم الاستسلام، تلك التي من الواضح أنها شديدة الأثر إلى حد أنها تغيظ نتنياهو، المستعد لتدمير قطاع غزّة بأكمله (وهذا ما يحصل) كي لا يرى هذه علامة النصر هذه.
علامة النصر الملاصقة للقضية الفلسطينيّة، والتي يرفعها الأسرى عند تحريرهم، والناجون من الحطام، هي انتصار لنا جميعاً. علامة تشير إلى أن الموت نفسه لا يهدد أصحاب الحق. ما لا جدل فيه أننا لسنا فقط أمام رمزيّة أو مجاز، بل علامة جسديّة، تتلخص بـ"الحياة" بوصفها "انتصاراً" أمام ماكينة القتل. العري هنا، بمفهومه السياسي الوحشي (التجريد من كلّ حق حتى حق الحياة)، يواجه مقاومة؛ حركة صغيرة بالأيدي، تستفز رئيس وزراء دولة الاحتلال إلى حد التأكيد أنه الحرب كلّها قد تكون بلا طائل، في حال رُفعت هذه الإشارة.
إشارة نتنياهو هنا تثير القشعريريّة، كونه القاتل بحد عينه، يتنبأ بنهايته. موت وحياة السنوار ليستا محط الجدل، بل العلامة نفسها، نبوءة أطلقها القاتل مؤكداً أنه على رغم كل ما حصل ويحصل، هذه العلامة تعني هزيمته، ونصر صاحب الحق الذي "يخرج من تحت الأنقاض". الاقتباس يظهر وكأنه في حبكة سينمائيّة، في مكان الهزيمة الأولى، 7 أكتوبر، ينطق المُنتقم مؤكداً أنه سيُهزَم، وهذا ما "لن يوافق عليه".
المفارقة الثانيّة، أن موافقة نتنياهو من عدمها لا دور لها في تحديد مصير المقاومة. هي عبارة جوفاء إذاً، بلا أثر فعلي على الأرض التي أحرقها. وهنا الحقيقة العارية، حسب تعبير بيتر سلوتردايك في "نقد العقل الكلبي"، المتمثلة في سقوط الأقنعة، والقناع الذي سقط الآن يكشف أن القاتل خائف من مصيره ولن يقبله بكل بساطة. لكن، هل تمكّن رجل في التاريخ من الوقوف في وجه قدره؟
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لغزيّ يرفع علامة النصر بعد أن قضى ست ساعات تحت أنقاض منزله الذي قصفه جيش الاحتلال في مخيم الشاطئ. خسر كلّ شيء إلا ذاك الرمز، تلك العلامة الملتصقة بالجسد. وهنا المفارقة، ماكينة الحرب الإسرائيليّة ترعبها رموز؛ إذ لم يعد يكفي أن أساطير القبة الحديدية والجدران الفاصلة وغيرها من تقنيات التجسس، انهارت في 7 أكتوبر، وكُسر الحصار بدراجة مجنحة، تحمل مقاتلين.

المرعب أن علامة النصر هذه تلك التي يعاندها المُحتل، تقابلها رموز وأسماء محددة على صواريخه، تلك التي تمتد خارج قطاع غزّة. كشفت إسرائيل التي تخاف علامة النصر "رغبتها" باستهداف أي شخص في العالم، ليس فقط بقوة المال، بل بالسلاح أيضاً؛ فماذا يعني أن نقرأ اسم مغن أو ممثلة أو مذيع على صاروخ؟ هل هذا رمز أم تهديد بالقتل؟ ماذا يعني أن تستخدم حجة الدفاع عن النفس ومعاداة الساميّة ليكون "الجميع" هدفاً محتملاً؟ لا لشيء، بل فقط لأنهم طلبوا وقف إطلاق النار؟ هنا تظهر علامة النصر بوصفها علامةً شديدة الإنسانيّة، انتصاراً لضمير العالم، وليس فقط لفلسطين.

مشاركة الخبر: الحقيقة العارية في غزّة... الخوف من علامة النصر (4/4) على وسائل التواصل من نيوز فور مي

local_library إقرأ أيضاً في آخر الأخبار

بعد حملة اعتقالات إدانة أممية لترهيب ومضايقة السلطات للمحامين في تونس

بعد حملة اعتقالات إدانة أممية لترهيب ومضايقة السلطات للمحامين في تونس

منذُ 28 دقائق

قالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامدساني إن التوقيفات ودهم مقر نقابة المحامين أمر يقوض سيادة...

تعليم اللغات الأجنبية ضرورة مرحلية والتعليم بها جريمة حضارية وقومية

تعليم اللغات الأجنبية ضرورة مرحلية والتعليم بها جريمة حضارية وقومية

منذُ 28 دقائق

لماذا لا يقتدي هؤلاء المصالحيون المزورون والمتاجرون المدعون للوطنية عندنا زورا وبهتانا بل وإجراما بتعامل الوطنيين...

قفازات إسرائيل للسيطرة على القطاع

قفازات إسرائيل للسيطرة على القطاع

منذُ 28 دقائق

حازم عياد يكتب عوامل الفشل لعملية إلباس الاحتلال قفازات عربية وأممية لفرض سيطرته على قطاع غزة أكثر في عددها وعمق...

القضاء التركي يقضي بسجن صلاح الدين دميرطاش 42 عاما

القضاء التركي يقضي بسجن صلاح الدين دميرطاش 42 عاما

منذُ 31 دقائق

وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية٬ إدانة دميرتاش وسياسيين أكراد بارزين غيره٬ بأنها أحدث خطوة في حملة اضطهاد حرمت...

مفاوضات جوبا السودانية نقاط الخلاف وفرص النجاح رغم استعار الحرب
مفاوضات جوبا السودانية نقاط الخلاف وفرص النجاح رغم استعار الحرب
منذُ 32 دقائق

تتسابق الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فصيل عبد العزيز الحلو عبر مفاوضات جوبا بجنوب السودان إلى كسب...

قناة إسرائيلية مواجهة حادة بين نتنياهو وبن غفير خلال اجتماع الكابينيت
قناة إسرائيلية مواجهة حادة بين نتنياهو وبن غفير خلال اجتماع الكابينيت
منذُ 33 دقائق

أفادت قناة إسرائيلية اليوم الجمعة بنشوب مواجهة حادة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير...

widgets إقراء أيضاً من العربي الجديد

عن نقل الملف السوري إلى الرياض
مفاوضات جوبا السودانية نقاط الخلاف وفرص النجاح رغم استعار الحرب
أرسنال يفتح تحقيقا بسبب دخول مشجعي البايرن إلى ملعب الإمارات
يهود يصلون من أجل غزة في جامعة جورج واشنطن والحراك الطلابي يتسع