مساع حكومية عراقية للحفاظ على التهدئة بعد استهداف قنصلية إيران بدمشق
أثار الهجوم على قنصلية إيران في سورية، الذي أسفر عن وقوع قتلى وجرحى من الحرس الثوري الإيراني، مخاوف عراقية من نقض الفصائل الحليفة لإيران هدنتها مع واشنطن، التي مضى عليها نحو شهرين. وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استهدف، أمس الأول الاثنين، مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق بستة صواريخ، وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم أودى بحياة العميدين محمد رضا زاهدي، قائد الحرس في سورية ولبنان، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، بالإضافة إلى خمسة ضباط آخرين مرافقين لهما.
وبينما توعدت إيران بالرد على تلك الهجمات، يدخل العراق ضمن دائرة التوقعات، إذ إن أذرع إيران فيه متمثلة بـ"الفصائل المسلحة" قد تتلقى توجيهات بتنفيذ هجمات معينة. من جهتها، دانت حكومة بغداد الهجوم، وذكرت الخارجية العراقية، في بيان، أن "الهجوم يمثل انتهاكاً واضحاً وصارخاً للقانون الدولي وللسيادة السورية، وتُحذر من خطورة المساس بأمن البعثات الدبلوماسية التي لها حصانة دبلوماسية بموجب القوانين الدولية"، محذرة من أن "توسّع دائرة العنف في المنطقة سيؤدي لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار".
ولم تبد الفصائل العراقية حتى الآن موقفاً واضحاً إزاء إمكانية أن يكون هناك رد من قبلها بنقض الهدنة مع واشنطن وعودة تنفيذ هجماتها على المصالح الأميركية بالعراق وخارجه. وأكدت جماعة النجباء، في بيان لها أمس الثلاثاء، أن "العمل الإرهابي الغاشم المتمثل باستهداف القنصلية الإيرانية في سورية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، الذي أدى إلى استشهاد مجموعة من قادة الحرس الثوري، يمثل تحدياً صارخاً للأعراف الدبلوماسية والاتفاقات الدولية، وهو بمثابة الحرب ضد إيران".
وجدّدت الجماعة "موقفها الداعم لإيران في حقها بالدفاع عن النفس، وفي الوقت نفسه حقها بالرد على هذه الانتهاكات في المكان والزمان اللذين تختارهما"، مشدّدةً على أنها "على أهبة الاستعداد لاتخاذ أي إجراء يمثل رداً على هذه الانتهاكات التي ترتكبها القوات الصهيونية المحتلة متجاهلة كل الأعراف والمواثيق الدولية، لا سيما الجرائم المريعة التي ترتكب كل يوم في غزة تحت مرأى ومسمع العالم أجمع".
وألمح المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، في منشور له على صفحته عبر تطبيق "تليغرام"، إلى تحرك تجاه الهجوم. من جهته، أبدى مسؤول في الحكومة العراقية عدم الارتياح من إمكانية أن يكون هناك تحرك من الفصائل العراقية إزاء الهجوم. وقال لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "الحكومة العراقية حريصة على استمرار الهدنة بين الفصائل وواشنطن، وأنها سبق وحصلت على ضمانات من زعامات الفصائل بعدم خرق الهدنة، حتى يتم إنهاء وجود التحالف الدولي من البلاد، وقد التزمت الفصائل حتى الآن".
وأكد المسؤول أن "هناك تخوفاً من إمكانية تحريك إيران بعض الفصائل العراقية لشنّ هجمات معينة على المصالح الأميركية، وهو ما لا تريده حكومة بغداد"، مبيناً أن "الحكومة أوصلت رسائل لزعامات الفصائل بضرورة الحفاظ على الهدنة، وأن أي خرق لها سيؤثر في الحوار مع واشنطن بشأن وجود التحالف الدولي". وشدّد على أن الحكومة "لم تحصل على ضمانات من تلك الفصائل، إلا أنها تواصل ضغطها للحفاظ على الهدنة".
في السياق ذاته، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، زيارة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني المقررة منتصف هذا الشهر إلى واشنطن، بأنها "رهينة تطورات المنطقة". وأضاف النعيمي لـ"العربي الجديد"، أن أي تصعيد من الفصائل العراقة المحسوبة على طهران تجاه القوات الأميركية يعني بالضرورة رداً أميركياً عسكرياً عليها، وهو ما يجعل زيارة السوداني إلى واشنطن رهن الموقف الأمني، وطبيعة رد إيران على العدوان الإسرائيلي".
وردّ الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، على موقف جماعة النجباء، في تدوينة له على "إكس"، قائلاً إنّ "إيران نفسها لا ترد، فلماذا تريدون توريط العراق؟".
ودخلت فصائل "المقاومة العراقية" هدنة مع الجانب الأميركي، إثر اغتيالها القيادي في كتائب "حزب الله العراقية" أبو باقر الساعدي، في السابع من فبراير/ شباط الماضي، ولم تنفذ الفصائل أي عملية ضد المصالح الأميركية في البلاد، منذ تلك الفترة، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي المسيّر في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.
وكانت حركة النجباء العراقية قد أكدت في حينه أن ضغوطاً "مجتمعية وسياسية ودينية" دفعت باتجاه ما أسمتها بـ"التهدئة" مع واشنطن، لإفساح المجال "أمام الحكومة العراقية لتأخذ بزمام المبادرة باتجاه وضع حلول لإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد".
مشاركة الخبر: مساع حكومية عراقية للحفاظ على التهدئة بعد استهداف قنصلية إيران بدمشق على وسائل التواصل من نيوز فور مي