عبدالسلام الخطيب.. حصاد السنين
(3) من المقصف الرياضي إلى طريق الحديدة تعز
كان يتردد على المقصف الرياضي العديد من السياسيين والموظفين والعمال، الذين كانوا لايزالون يراهنون على تحولات الحياة الجديدة رغم الانتكاسات المتتالية للمشروع الجمهوري، والتي ابتدأت بنكسة حزيران ومغادرة الجيش المصري لليمن بعد خمس سنوات من اسناد النظام الجمهوري وثورة سبتمبر، ثم انقلاب 5 نوفمبر وسيطرة القوى التقليدية وحلفائها على مقاليد السلطة، ولاحقاً إطباق القوات الملكية حصارها المميت على العاصمة صنعاء، وما تلا ذلك من أحداث وصولا إلى أغسطس المشؤوم.
كان معظم الموظفين والعمال بانتماءاتهم السياسية المختلفة يعملون في المؤسسات الوليدة والبنوك والمصانع وشركات القطاع الخاص والمشاريع الاستراتيجية، التي كانت محافظة الحديدة إجمالاً أهم مستوعباتها في تلك السنوات. ويتذكر عبد السلام الخطيب من تلك المشاريع الصناعية والخدمية مصنع اسمنت باجل الذي أنشأه السوفييت شرق الحديدة بعد ثورة سبتمبر مباشر، بعد سنوات قليلة من تنفيذهم لمشروع ميناء الحديدة الذي انتهوا منه مطلع الستينات، ومشروع طريق الحديدة / تعز الاستراتيجي الذي بدأ العمل به منتصف الستينات، وكان قد وصل في ذلكم التوقيت إلى منطقة الجراحي ( منتصف المسافة بين المدينتين)، ومشروع سردود الزراعي وغيرها من مشاريع البنية التحتية الحيوية، وإلى جانب هذه المشاريع العامة، كانت تتكاثر المصانع والمعامل المختلفة لإنتاج المشروبات الغازية والعصائر والأطعمة الخفيفة ومواد البناء في المراوعة والقطيع وكيلو 16.
كان هناك اشخاص من القرية يعملون في مشروع الطريق، واقترحوا علي الالتحاق بالمشروع بمؤهلي الدراسي الحالي، وفي وظيفة إدارية، بدلا من العمل في المقصف، وأن المشروع سيمنحنى مزايا مختلفة .. لم أتردد كثيرا، وبعد أيام قليلة، اصطحبني أحد الأقرباء إلى إدارة المشروع بكيلو 16، وأوصلني إلى إدارة العمال والموظفين بعد التنسيق المسبق مع المدير، والذي اكتشفت لاحقاً أنه أحد رفاقه في الحزب الديمقراطي الثورى الذي كان أحد واجهات اليسار المؤثرة في الحياة العامة، والذي كان نتاجاً لتحول أعضائه من حركة القوميين العرب إلى حزب بخلاصات يسارية واضحة، ولهذا السبب تم احتسابي سياسياً على الديمقراطي الثوري، رغم أني لم اخضع وقتها لأي دورات حزبية، أو تكليفي بمهام لاختباري، ربما لصغر سني ( 17 عاما).
لم يمض على قبولي في المشروع غير أيام قليلة حتى طلب مني الانتقال إلى كمب المشروع في منطقة حيس، وهناك تم تعييني مشرفاً على وردية عمال اليومية والذين يعملون بمعية الآت الشق والتعبيد والسفلتة، والتي يشرف عليها مهندسون وخبراء سوفييت، ومن يقوم بالترجمة لهم مهندسون يمنيون من خريجي جمهوريات الاتحاد السوفييتي.
كان حماسي عاليا للعمل، واحسست بنوع من الرضاء الذاتي، خصوصاً بعد ترشيحي للدراسة في المدرسة الفنية التابعة للمشروع في منطقة كيلو 16 بعد شهرين فقط من التحاقي بالعمل.
بقيت ستة أشهر في ا المدرسة، من مارس إلى سبتمبر 1969 ا وتلقيت فيها دورات مكثفة عن صيانة طرق السيارات حسب الشهادة التي منحت لي، وهذه الفترة اكسبتني الكثير من الخبرة في الحياة العامة بسبب حالة التواصل الكبيرة التي خضتها في مدينو الحديدة .
بعد فترة الدراسة عدت إلى نقطة المشروع في حيس بعد أن كان الطريق قد وصل إلى منطقة الجمعة بالقرب من مفرق المخا.، ثم تسلمت مهام الاشراف على أعمال صيانة الطريق ابتداء من منطقة حيس إلى النقطة الأخيرة في المفرق.. وكانت مهامي في البداية تتبع أي اختلالات أو قصور في عملية التنفيذ واصلاحها، تمهيدا لأعمال الصيانة اللاحقة.
لم استمر طويلاً في عملي هذا، فقد تم استدعائي إلى صنعاء للعمل في المركز الرئيس للمؤسسة العامة للطرق، التي كان يرأسها في ذلك الوقت المهندس عبدالله حسين الكرشمي.
(يتبع)
الصورة لشهادة المدرسة الفنية بكيلو 16- طريق الحديدة / تعزThe post عبدالسلام الخطيب.. حصاد السنين appeared first on بيس هورايزونس.
مشاركة الخبر: عبدالسلام الخطيب.. حصاد السنين على وسائل التواصل من نيوز فور مي