"حبنا حقيقي وليس جهاد الحب"

يواجه الحب والزواج من شخص من خارج الطائفة والدين في الهند الاستهجان والرفض ورداً على انطلق مشروع عبر تطبيق انستغرام للاحتفاء بالزيجات التي حطمت"القيود والحواجز" الدينية والطائفية والعرقية والجنسية".

لطالما كان الزواج بين الأديان والطوائف موضع استياء في العائلات الهندية المحافظة، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح الحديث حول مثل هذه الزيجات أكثر إثارة للجدل. ولا يزال زواج النساء الهندوسيات من رجال مسلمين هو الأكثر استهجاناً على الإطلاق.

وبرزت هذه الهوة العميقة بشكل جلي الشهر الماضي، عندما اضطرت ماركة مجوهرات إلى سحب لها بعد مواجهة رد فعل غاضب على وسائل التواصل الاجتماعي لأن ال كان يظهر زوجين؛ مسلم وهندوسية.

"إنه عشق وليس جهاد"

أظهر ال ترتيبات حفلة "بيبي شاور" أبطالها أم هندوسية وعائلة زوجها المسلمة.

و"بيبي شاور" هو حفل لاستقبال المولود الجديد، يقام قبل الولادة بأسابيع أو بضع أشهر، إذ ترسل الأم قائمة بطلباتها اللازمة للمولود القادم ليحضرها المدعوين الذين يكونون عادة من أفراد العائلة والأصدقاء المقربين جداً للأم.

وأطلقت ماركة "تنيشق" المملوكة لشركة "تاتاس" - وهي واحدة من أكبر الشركات الهندية - مجموعتها الجديدة تحت اسم "إيكاتفام" والتي تعني بالهندية "الاتحاد".

كان من المفترض الاحتفاء بمفهوم "الوحدة في التنوع" ولكن انتهى به الأمر برد فعل عكسي تماماً، فقد كشف ال عن الانقسامات الموجودة في المجتمع الهندي.

وقالت جماعات هندوسية متشددة إن ال يروج لـ "جهاد الحب"، وهو مصطلح معادي للإسلام يشير إلى أن الرجال المسلمين يتصيدون النساء الهندوسيات لإغرائهن والزواج بهن لغرض واحد هو اعتناق الإسلام.

أطلق المتشددون على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة هذه العلامة التجارية، مما جعلها في صدارة هاشتاغات تويتر. وقالت الشركة في بيان إنها سحبت ال مراعاة لسلامة موظفيها.

بعد أسبوعين من الخلاف حول ال، أطلق الزوجان الصحفيان سمر هالرنكار وبريا راماني وصديقتهما الصحفية الكاتبة نيلوفر فينكاترامان، "مشروع الحب في الهند" عبر تطبيق انستغرام، واصفين إياه بـ "الحب والتعاون بين الأديان والطبقات المختلفة في هذه الأوقات المليئة بالكراهية".

وقال هالرنكار لبي بي سي إنهم كانوا "يفكرون في المشروع لمدة عام أو أكثر" وإن الجدل حول "تنيشق" جعلهم يشعرون بأنه حان الوقت لإطلاق المشروع فوراً.

وقال لي: "لقد شعرنا بالصدمة وأزعجتنا الرواية المزيفة حول الحب والزواج بين الأديان".

"هناك رواية مفادها أن هناك دوافع أخرى شريرة أكثر، وأن الحب يتم استخدامه كسلاح. لكننا لم نعرف أي شخص كان يفكر بهذه الطريقة، أو كان لديه أي دافع آخر غير الحب من أجل الزواج".

ومن خلال مشروع الحب الهندي، كما يقول "نحن فقط نقدم منصة حيث يمكن للناس نشر قصصهم".

ومنذ أن أطلق المشروع في 28 تشرين الأول/أكتوبر، قصته الأولى التي بدأت بوالدة فينكاترامان عن والدتها الفارسية بختوار ماستر، ووالدها الهندوسي إس فينكاترامان، بات الموقع ينشر كل يوم قصة جديدة.

يقول هالرنكار إن التجاوب كان طاغياً. "نحن نكافح من أجل التأقلم. نستمع كل يوم إلى أناس يرغبون بسرد قصتهم أو قصص آبائهم وأجدادهم. كما أنها تظهر أن الزيجات بين المختلفين في الدين والعرق ليست حالة جديدة، بل كانت ولا تزال تحدث على مر الزمان".

ويضيف: "لكن من المهم التحدث عنها الآن أكثر من أي وقت مضى".

"في الوقت الذي يتم فيه صناعة الكراهية، من المهم سرد قصص الحب هذه وإظهار مدى انتشارها واستمرارها وأنها ليست مجرد نزوات عابرة".

في الهند ، أكثر من 90 في المئة من الزيجات تتم بالطريقة التقليدية أي الزواج المرتب. ونادراً ما تنظر العائلات إلى ما هو أبعد من الدين والطائفة عند تزويج أبنائهم وبناتهم. وتظهر البيانات في الهند ، أن حوالي 5 ٪ فقط من الزيجات هي بين طبقات مختلفة والزيجات بين أتباع الأديان المختلفة أكثر ندرة - فقد قدرت إحدى الدراسات أنها تزيد قليلاً عن 2.2٪.

وأولئك الذين يختارون الزواج خارج هذه الحدود غالباً ما يواجهون العنف وحتى القتل..

إنها "قصة الكراهية" التي يسعى مشروع India Love Project إلى مواجهتها من خلال سرد القصص الشخصية التي يصفها القراء غالباً بأنها "دافئة ومثيرة للفضول".

وتروي هذه القصص حكايات الأزواج والزوجات الذين يعتقدون أن الحب لا يعترف بالحدود التي يضعها الإنسان.

روبا، وهي هندوسية براهمية، تكتب عن رد فعل والدتها الأول عندما أخبرتها أنها كانت تخطط للزواج من مسلم يدعى راضي عبدي.

قالت والدتها، التي كانت قلقة من سهولة الطلاق في الإسلام والمحظور حالياً في الهند: "سيردد كلمة طلاق ثلاث مرات ويطردك".

كتبت "لكن، وبمجرد أن التقى والداي براضي وأدركا أنه إنسان رائع، تلاشت مخاوفهما" ، واصفة إياهما بأنهما "منفتحان نسبياً".

والآن، مرّ ثلاثون عاماً على زواج روبا وراضي ولديهما ولدان بالغان. وتحتفل الأسرة بكل من عيد الأضحى وعيد ديوالي الهندوسي كل عام.

وكتب الصحفي تي أم فيراراغاف عن زواجه من سلمى ، قائلاً إن الدين في بيتهم ليس بأهمية "كاري الأرز و برياني لحم الضأن"

"ما زلت نباتياً، وهي تستمتع بأكل لحم الضأن، ونتاج حبنا هو طفلتنا آينش، التي تحصل على أفضل الموجود في العالمين.

"آينش تكون هندوسية أو مسلمة بناءً على ما يتم طهيه".

تنوير إعجاز، مسلم متزوج من امرأة هندوسية تدعى فينيتا شارما، كتب في منشور له عن قصة تسمية ابنتهما باسم كوهو.

وسئل الزوجان ما إذا كان اسماً هندوسياً أم مسلماً؟ وما هو الدين الذي ستتبعه ابنتهما عندما تكبر؟ فأجاب: "يبدو أن زواجنا الهندوسي-الإسلامي يمكن أن يكون نموذجاً للعلمانية، يناقض توقعات الناس".

"إنهم مذهولون ومحبطون تقريباً لأن حبنا يجب أن يسمى حباً وليس حب الجهاد".

كما يعرض حساب انستغرام أيضاً قصصاً عن زيجات أخرى بين الأديان والطوائف.

ماريا مانجيل ، كاثوليكية غير نباتية من عائلة ليبرالية في ولاية كيرالا، تزوجت من سانديب جين، نباتي من شمال الهند من عائلة محافظة.

تكتب ماريا عن "التحديات العديدة" التي واجههما خلال 22 عاماً من زواجهما ولكنها مقتنعة أنها بزواجها منه، فعلت الشيء الصحيح.

كتبت: "كيف يمكنك الابتعاد عن الحب؟".

"شعرت بإحساسه المرهف وسلوكه اللطيف وتوافقه الفكري وعاطفته الجياشة تجاهي. لم أستطع التخلي عنه لمجرد أنه يصلي لإله آخر ويتحدث بلغة مختلفة".

يقول هالارنكار إن مثل هذه القصص تجعلك تشعر بإحساس أفضل تجاه العالم والهند.

"هذه قصص جميلة لحالات لا تعد ولا تحصى في الهند؛ يتبع الناس طرق عديدة ومختلفة للحب، إنها شهادة على ما يجري في الهند على أرض الواقع".

*نقلاً عن بي بي سي عربي

مشاركة الخبر: "حبنا حقيقي وليس جهاد الحب" على وسائل التواصل من نيوز فور مي