اللغة والأدب

هل نكتب الأدب لأننا نحب اللغة، أم نحب اللغة لأننا نحب الأدب. هل جال السؤال ببالكم من قبل، أحب لغتي بالطبع، لكن أحب أيضا اللغة الأخرى التي أعرفها، الإنجليزية، أحب أدبها، أيضا، لكن، ولأنها ليست لغتي الأم، تبقى لغة ثانية، لغة لا أختارها لأدبي أو للتحدث بها، أستخدمها عند الحاجة، أستخدمها أحيانا لأجادل بها، حتى في الأحلام، أحلم بها فقط إذا كنت في نقاش حاد مع أحد، ربما لأنني درست بها، هي في اللاوعي عندي لغة العلم، لكن العربية، هي كياني، هي التي أعرف خفاياها ودروبها وأسرارها، حتى لو قصرت معرفتي عن شيء فيها، من السهل أن أبحث، أن أسأل، أو حتى أن أتجاهل بدون الإحساس بالعجز.

اللغة، متى بدأت في الكون، لا أظن أن أحدا يعرف بالتأكيد، سألت غوغل فتراوحت الإجابات بين المليون سنة إلى سبعين ألف سنة، لا بأس، ما يهمني أنني أعرف لغتي وأحبها، ليس لدي هوس الموغلين في حبها في إثبات أنها أغنى لغات العالم من حيث المفردات، أو أنها أجمل لغات العالم من حيث قوة التعبير عن المشاعر، لدي حبي لها، معرفتي أنها القادرة على التعبير عن مشاعري أنا، إيصال ما أود، عن طريق القول أو الكتابة، وهنا يأتي الأدب، نعم أحب قراءة الأدب بالإنجليزية، لكن تبقى لغتي العربية غرامي الأول واختياري الأول.

الأدب، أن تستخدم اللغة التي يعرفها كل الناس، كي تغير من تركيباتها، تنشئ لنفسك طريقة جديدة تخبر بها الناس قصتك، أو أحاسيسك، فهمك للأمور أو حيرتك، أسئلتك للكون، غضبك، نفورك، حزنك، رؤيتك، أو الضباب الذي يلف رؤيتك، كل ذلك يمكنك أن توصله للآخر عن طريق الأدب.

اللغة، أعظم اختراع اخترعه الإنسان، يمكنك استخدامه بطريقة مباشرة، فتسمع الآخر الذي تكره شتائمك، والتي قد تقودك إلى معركة، ويمكنك أن تكتب قصيدة في شتم ذلك الشخص بدون ذكر أسماء، وبشكل راق وفكري، فتزيح عن صدرك هذا الغل الذي تسبب به شخص قميء، وتضيف إلى الأدب الخالد طريقة للتعبير ليس فقط عن كرهك الشخصي لهذا الشخص، بل طريقة للإنسانية للترويح عن أنفسهم، لأنك عبرت بالنيابة عنهم عن كل الأشخاص القميئين الذين لم يملكوا القدرة على شتمهم.

اخترت الغضب كي أثبت فكرتي، لكن يمكنكم استبدال ذلك بالفقد، الحب أو أي مشاعر أخرى.

شكرا للغتي العربية التي لا أعرف متى بدأت، شكرا لكل الأدباء الذين كتبوا ويكتبون واستطاعوا أن يعبروا عن كل المشاعر التي شعرت بها من خلالهم، والتي علمتني الحياة.

مشاركة الخبر: اللغة والأدب على وسائل التواصل من نيوز فور مي