رائحة البطاطس تستهدفك
كتاب «أمة الطعام السريع» الممتاز حقّق في صناعة الطعام السريع، وقد طَرَقَ عدة مواضيع منها الرائحة.
إن الرائحة ترتبط بالذاكرة، وهذا أحد أسباب تركيز شركات الطعام السريع على الأطفال بالذات بدعاياتهم، فإذا كبروا وشموا رائحة بطاطس مثلاً فإن هذا يثير ذكرى فيشترون وجبة، فيصير الطعام نوعاً من التداوي، يأكله المرء ليس للجوع فقط بل ليثير الذكريات الطيبة ويشعر بالسعادة، والذي يصمم ويصنع هذه الروائح هي شركات النكهة.
في محلات العطور تدخل ويرش البائع عينة من عطر لتشمها، وهذا ما يفعله العاملون في شركات النكهة تلك، فلما ذهب لهم الكاتب أخذ العامل يغمس الأوراق في آوانٍ ذات سوائل مختلفة ويناولها الكاتب ليشمها، فتارة يشم رائحة روبيان، وتارة يستنشق الزيتون، وعلبة فيها رائحة الكرز الطازج، وهكذا، وأخيراً طلب منه البائع أن يغمض عينيه وأن يشم إحدى العينات، فلما شمها دهش، رائحتها همبرغر، وكانت دقيقة حتى أنه ظن أن هناك من يقلب شرائح البرغر على شواية في الغرفة!
هذه الروائح مُختارة بعناية، وشركات النكهات أرباحها بمئات الملايين من الدولارات كل سنة، وهناك عشرة آلاف نوع مختلف من الأطعمة المعالجة تظهر في الأسواق في أميركا كل سنة معظمها تعتمد على روائح ونكهات صناعية، والتي تُصنع من مواد كيميائية، ولتوضيح هذا خذ مثالاً شركة تصنع النكهة المدخنة التي نجدها أحياناً في النقانق والتشيبس، فكيف يصنعون ذلك؟ إنهم يأخذون نشارة الخشب ويحرقونها ومن ثم يعلّبون هذه الرائحة والنكهة ويبيعونها على المطاعم وشركات الطعام.
إنهم لا يهتمون بالروائح والطعم فقط بل حتى الإحساس، فيصمم خبراء النكهة «شعور» الأكل في الفم باستخدام أحدث الأجهزة: أكل مقرمش، مطاطي، متكتل، طري، زلق، علكي، ناعم، رطب، قابل للدهن، إلخ. يستخدمون جهازاً اسمه مُحلِّل النسيج يحوي 250 معياراً مختلفاً من تلك المعايير ويحلل ويقيس تركيبة ونسيج الأكل ليوضع بأكثر الطرق إغراءً.
إن صناعة الطعام السريع أعمق وأخبث مما تظن، فاحذر أضرار هذا الطعام البشع، واحم خاصة أطفالك الذين تستهدفهم هذه المحلات.
مشاركة الخبر: رائحة البطاطس تستهدفك على وسائل التواصل من نيوز فور مي